×
محافظة المنطقة الشرقية

اتحاد القدم يجتمع مع أندية دورة الصعود في ملعب القطيف.. اليوم

صورة الخبر

ولد في الجيزة بمصر سنة 1894م، وانتسب للأزهر واستظهر القرآن حفظاً وتخرج في مدرسة القضاء الشرعي بالقاهرة ودرس – بفتح الراء وتشديدها – بها وكان أديباً محباً للعلوم والآداب والفنون، وحفظ كثيراً من النصوص الأدبية والمعرفية والشعرية كما أتقن اللغات الإنكليزية والفرنسية والفارسية والتركية، مما مكنه لمعرفة أسرار هذه اللغات وآدابها والخوض في تصنيف إنتاجها والوقوف على معارفها وأعلامها وعلمائها وأدبائها وشعرائها أمثال جلال الدين الرومي الذي ألف عنه كثير من الأدباء وكان لعبدالوهاب عزام كتاب في ذلك بعنوان "فصول من المثنوي" العائد إلى الرومي بلغته الفارسية، ولم يكن عبدالوهاب مجرد مترجم من تلك اللغة إلى العربية بل أنه وقف على أسرار اللغتين ومواءمتها وملاءمة كل من اللغتين أحداهما الأخرى، كما فعل نفس الشيء مع محمد إقبال الشاعر والفيلسوف المسلم في الكتاب الذي ألفه بعنوان "محمد إقبال: سيرته وفلسفته وشعره" كما فعل ذاته مع الشاعر الفيلسوف فريد الدين العطار في كتاب عنه. وعلى الرغم من الروحانيات في كتب عبدالوهاب عزام الثلاثة هذه إلا أن الأدب فيها رائع البيان، وماتع الأسلوب فالمؤلف العزام أديب كبير، ومثقف فلسفي وذو فكر عميق وله شعر - كما يقول خير الدين الزركلي في ترجمته "الأعلام" وشعر عبدالوهاب عزام يرقى على الجودة، لأن عادة الزركلي حينما يترجم لأديب إذا كان شاعراً يقول أن له شعراً، وأما إذا كان منظوماً يقول عنه أنه ناظم أو أن له نظماً كما فعل مع الأستاذ كامل الشناوي ومع غيره الذين يصفهم بأنهم نظامون، وكان لإتقانه اللغات نصيب من الأعمال العلمية والأدبية الدبلوماسية كاختياره مستشاراً للشؤون الدينية في السفارة المصرية بلندن والتحاقه بقسم اللغات الشرقية بجامعتها حيث نال منها درجة "الدكتوراة" في الآداب الفارسية، لكنه عاد إلى القاهرة لينال من جامعاتها شهادة الدكتوراة في الأدب العربي وبعد ذلك عيّن عميداً لكلية الآداب بجامعة القاهرة، إلى أن انتقل إلى السلك الدبلوماسي مرة أخرى ليعين وزيراً مفوضاً لمصر في المملكة العربية السعودية سنة 1948م فسفيراً لبلاده في الباكستان ثم أعيد سفيراً في السعودية سنة 1954م التي كلفته حكومتها بإنشاء جامعة الملك سعود في العاصمة الرياض، فتمت جامعةً عتيدة علمية شامخة. هذه الأعمال تعد إنجازات أكاديمية وجامعية وعلمية وأدبية تدعمها ثقافة عبدالوهاب عزام الذي يعد أخاً لعبدالرحمن عزام الأمين العام الأول لجامعة الدول العربية ومقرها بالقاهرة ذلك المفكر الإسلامي الذي له كتاب في السيرة النبوية الكريمة بعنوان "بطل الأبطال" وكان في الستينيات والسبيعينيات من القرن العشرين، مقرراً في المنهج التعليمي العام في المملكة العربية السعودية، ومن الإنجاز المعرفي والأدبي للدكتور عبدالوهاب عزام أيضاً تحقيقه لديوان أبي الطيب المتنبىء أضف إليه "ذكرى أبي الطيب بعد ألف عام" هذا المنجز العلمي الشعري والأدبي والثقافي المعجب والمثري والمفيد الرائع دراسة وتحقيقاً وإمتاعاً معرفياً وثقافياً وأدبياً، الذي ظهر بعد ألف عاماً من وفاة الشاعر العبقري أبي الطيب المتنبىء رحمه الله، فكان نبراساً لشعره وتركه للنقاد والمؤرخين كما قال: أنام ملأ جفوني عن شورادها ويسهر الخلق جرّاها ويختصمُ أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي واسمعت كلماتي من به صممُ إن المرحلة الأدبية والثقافية التي عاشها عبدالوهاب عزام ثرية بالعطاء المعنوي والفكري حيث ازدهار الساحة الثقافية في مصر والشام والعراق وشبه الجزيرة العربية والمغرب العربي الشاسع والسودان، في ذلك كله ازدهر الأدب العربي والثقافة الدينية وفن الشعر والتعبير وكان العزام مسهماً بالأداء العملي والعلمي والأدبي والثقافي بكل كثافة معنوية غزيرة. مماجعله علماً من الأعلام، يعمل ويشتغل بكل هدوء ويكد بصمت لأن العمل العلمي عنده يتطلب الحركة العملية لا الأقوال الهشة، وخلال تنقله في البلدان والأوطان العربية والبعيدة جمع مذكرات حول رحلاته في جزأين مفيداً بالملحوظات والصور المرئية والأفكار العلمية والمعرفية والتاريخية التي قيدها ورصدها وسجلها فكانت رحلات عالمية رائعة. وله كتب عديدة منها مهد العرب في سلسلة إقرأ المصرية المشهورة، عبارة عن خواطر ورموز روحية وعبارات حضارية عربية عن أصل العرب ومآثرها ومقدساتها وخصوبة أرضها وطباع أهلها وأدبهم وأخلاقهم وأشعارهم وذكائهم وأيامهم. وله كتاب "الأوابد" مجموعة من المقالات والدراسات الأدبية واللغوية ومنظومات من الشعر مستوحاة من العقيدة الدينية والروحية والإسلامية متأصلة الطرح ومتنوعة الأداء الأدبي والأسلوب البلاغي اللغوي وإليك بعض العناوين: عمر في بيت المقدس، ورد الصباح، مصطفى صادق الرافعي وحي القلم، على شاطىء النيل، سعيد بن جبير، الشعر والشاعر "شعر". أما آخر ما كتب عبدالوهاب عزام فهو سيرته عن المعتمد بن عباد الملك الجواد الشجاع الشاعر المرزأ في الإندلس أو الفردوس المفقود. وللأديب السوري الدكتور زكي المحاسني كتاب "عبدالوهاب عزام" في حياته وآثاره كسيرة أدبية وثقافية للراحل رحمه الله.