تفشي ظاهرة التعديات على أراضي الدولة وبيعها على المواطنين، دفع المختصين للبحث عن الأسباب الكامنة خلفها وبعضهم أرجعها إلى ضعف الأدوار الرقابية على المكاتب الهندسية، التي تساعد لصوص الأراضي، وهوامير المؤسسات العقارية على تخطيط الأراضي البيضاء وتحويلها إلى مخططات هندسية تضلل الشريحة المستهدفة، بالإضافة إلى الحملات الإعلامية المُزيفة في مواقع التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية، التي تُخادع المواطنين لتصل عمليات التسويق في بعض الأحيان إلى إعلانات مدفوعة في الصحف الأمر، الذي ساهم في انتشار الظاهرة لتصبح أكثر انتشارًا في الأراضي الواقعة في محيط المدينة المنورة خارج النطاق العمراني. «المدينة» تواصل البحث وراء أسباب تفشي تلك الظاهرة للكشف عن أسرار عميقة يختفي وراءها بصمات لـ»مهندسي الشنط» وآثار التسويق المشبوه.. ونتعرف خلال السطور القادمة على الكثير والكثير. ارتفاع الأسعار العقاريون اختلفوا حول الأسباب الرئيسة وراء إقبال المواطنين على شراء تلك الأراضي وتحويلها إلى عقارات متواضعة واستراحات خاصة، يتم بناؤها بطريقة بدائية في معظم الأحيان بسبب ضعف دور الجهات المسؤولة عن توصيل التيار الكهربائي وبقية الخدمات البلدية كالمياه وخطوط الهاتف وخدمات الصرف الصحي، مرجعين الأسباب إلى ارتفاع أسعار الأراضي المملوكة بصكوك نظامية، مما دفع بعضهم إلى السعي وراء مساحات أخرى بأسعار تتناسب مع قدرتهم الشرائية، بيد أن تلك الظاهرة بددت أحلام بعض المواطنين في الحصول على قطعة أرض مسلوبة بأسعار متوازنة عند اصطداهم بلجان التعديات، التي تطبق الأنظمة على أراضي الدولة المنهوبة بدون صكوك شرعية. لصوص الأراضي ارتفاع أسعار قطع الأراضي النظامية في المخططات المُعتمدة بالمدينة المنورة، هي إحدى الأسباب الرئيسة وراء إقبال المواطنين على شراء قطع خارج الناطق العمراني لأراض مملوكة في الأصل للدولة نُهبت بواسطة لصوص الأراضي، كما يصفهم– العقاريون – بالإضافة إلى محدودية المخططات المُعتمدة، والتي يتم تخطيطها بواسطة مكاتب هندسية نظامية.. ولفت بعض العقاريين إلى أن ممارسات أغلب مُلاك العقارات المتمثلة في عدم عرض منتجات جيدة بأسعار منخفضة دفع بعض المواطنين لتملك أراض منهوبة بعقود مبايعة غير رسمية لإقامة عقار متواضع أو استراحة خاصة تصبح عرضة للمسائلة القانونية و ملاحقة لجان التعديات في إمارات المناطق مما يهدد في زيادة الخسائر المالية للمواطنين التي غررت بهم الإعلانات الزائفة بعد شراء تلك الأراضي وصرف مبالغ مالية لقاء عمليات البناء خلسة في أرض لاتعود ملكيتها في الأصل لهم. تخطيط هندسي وتنشط عمليات التعدي على الأراضي الحكومية المنهوبة، والتي في الغالب تعود إلى وزارات خدمية كالبلدية والصحة أو التعليم خارج النطاق العمراني بالمدينة المنورة أو في محيطها من خلال سطو لصوص الأراضي على أحد المواقع، ومن ثم تجرى عمليات التخطيط برعاية أحد المكاتب الهندسية في الخفاء أو كما يطلق عليهم «مهندسو الشنط» غير المُصرحين، ومن ثم تبدء عمليات التسويق الوهمي في مختلف وسائل الإعلام، مستخدمين شعارات مُظللة للمواطنين بتملك الأراضي بأرخص الأسعار. تأثير سلبي ولفت اقتصاديون إلى أن عمليات البيع والشراء غير النظامية في مواقع التعديات على الأراضي المملوكة في الدولة بدأ تأثيرها بشكل سلبي على الأراضي والمخططات النظامية المملوكة بصكوك شرعية، مما تسبب في زيادة العرض مواجهة مع الطلب في ظل ارتفاع الأسعار بشكل متزايد وتخوف بعض العقاريين من حدوث هبوط حاد في الأسعار في ظل التنامي المتزايد للممارسات لصوص الأراضي في التعدي على الأراضي وعرضها بأسعار متدنية مقارنة مع مثيلاتها النظامية من خلال مكاتب عقارية غير معتمدة من الجهات المعنية. الأراضي الحكومية وتخضع الأراضي الحكومية، التي تُعرف بأنها الأرض المنفكة عن الملك أو الاختصاص وتعد الأراضي المتوارثة أو المشمولة بوثائق أقطاع محل اختصاص لأصحابها حتى تثبت ملكيتها بصكوك شرعية إلى نظام لائحة مراقبة الأراضي الحكومية وإزالة التعديات الصادر من مجلس الشورى في إمارات المناطق من خلال إحدى المخالفات المُتمثلة بوضع اليد عليها بالتسوير أو البناء أو الزارعة أو وضع العقوم أو أي عمل من شأنه منع الغير من دخولها أو الارتفاق بها كمنع الناس من الرعي أو التنزه. مشروع المراقبة مجلس الشورى أقر في العام 2011 مشروع لائحة مراقبة الأراضي الحكومية وإزالة التعديات بهدف حماية الأراضي الحكومية من الإحداث عليها وإبقائها على حالها لحين الحاجة إليها وأجازت اللائحة فرض غرامة قدرها 10 آلاف ريال على المعتدي على أراضي الدولة للمرة الأولى تضاعف إلى 20 ألف ريال للمرة الثانية ثم 40 ألف ريال في المرة الثالثة. وأكدت مصادر «للمدينة» أن عمليات بيع قطع الأراضي المنهوبة تجرى عادة من خلال أوراق مبايعة تتم من قبل مكتب عقاري بحضور عدد من الشهود بعد وقوع الضحية في فخ التسويق غير الشرعي لتلك المخططات المسلوبة في الأصل من الدولة بالرغم من قيام اللجان بزيارات ميدانية لمتابعة تلك الأراضي البيضاء و عمليات وضع اليد التي تتم في الخفاء. عقوبة التشهير ودعا مختصون إلى زيادة صلاحيات لجان مراقبة التعديات على الأراضي الحكومية، بالإضافة إلى ملاحقة لصوص الأراضي وتعويض المواطنين والتشهير بـ»لصوص الأراضي» وتفعيل دور الجهات الرقابية المتمثلة في المادة الثالثة من مشروع لائحة مراقبة الأراضي الحكومية وإزالة التعديات، التي تتولى مهمه مراقبة الأراضي الحكومية داخل المدن أو خارجها لمنع التعدي عليها وإيقاف من يعمل دون رخصة تخول له حق العمل من خلال القيام بجولات مفاجئة غير مجدولة على الأراضي الحكومية، والوقوف على المواقع، التي يبلغ بوجود تعديات عليها أو إحداثات فيها، والرجوع إلى المصورات الجوية لمعرفة المتغيرات، التي طرأت على الأراضي وتحديد تاريخها. الأمانة تحذر أمين منطقة المدينة المنورة، الدكتور خالد طاهر، حذر من انتشار ظاهرة تخطيط الأراضي الحكومية والإحداث فيها بصفة غير نظامية وبيعها، وأكد طاهر في تصريح سابق على أن أمانة المنطقة تتحقق من تجاوزات بعض المكاتب الهندسية، التي ساهمت في تخطيط الأراضي الحكومية، وتسعى الأمانة لتثبيت أقصى العقوبات على المكاتب الهندسية المخالفة الأنظمة والتعليمات. سوق سوداء الدكتور جريبة بن أحمد الحارثي الخبير الاقتصادي أكد في اتصال مع «المدينة» عدم جواز تملك الأراضي التي تقع تحت سُلطة وإدارة الدولة بدون الحصول على منحة أو صكوك نظامية أو موافقة ولي الأمر تحت مُسمى «أحياء الأرض» وقال إن عمليات وضع اليد أمر غير مقبول شرعًا ولا نظامًا وقال عميد كلية إدارة الأعمال في جامعة طيبة في رده على سؤال «المدينة» حول تأثير عمليات البيع والشراء في الأراضي المنهوبة على المُخططات النظامية: بالفعل هناك تأثير قوي ومباشر على عمليات البيع والشراء حالها كحال جميع السلع التجارية من خلال قانون العرض والطلب المتمثل في زيادة الأسعار عند تدني مستويات العرض والعكس صحيح أيضًا. ووصف الحارثي عمليات البيع والشراء في الأراضي المسلوبة بـ»السوق السوداء» قائلًا: إن عمليات البيع والشراء في السوق، التي تتم خارج إطار النظام والقانون، وسيكون لها تأثيرات سلبية من الناحية الاقتصادية على الأراضي النظامية، كما سينعكس تأثيرها على عمليات تخطيط المدن والخدمات البلدية وتصبح تلك الأراضي مخططات عشوائية في المستقبل يخالف خطة الأمانات في المدن في التعامل مع الأراضي البيضاء، ولفت الحارثي في حديثه إلى الارتفاع المبالغ فيه بأسعار الأراضي النظامية والمعتمدة لدى الأمانة، مما دفع بعض المواطنين للتوجه إلى الخيار الآخر المتاح لهم، وهو السوق السوداء، وتمنى الحارثي بحث إمكانية توسيع تخطيط الأراضي بصفة نظامية مُعتمدة من الدولة من خلال عرضها بأسعار مناسبة متفاوتة، بحسب المواقع الجغرافية أو من خلال منحها للمواطنين وتفعيل دور وزارة الإسكان لمجابهة السوق السوداء، التي باتت تهدد السوق الاقتصادي للعقار في المدينة المنورة. اللجنة العقارية: عدم توفر بنية تحتية للمنح والخدمات فاقم الظاهرة من جانبه حذر رئيس اللجنة العقارية بالغرفة التجارية بالمدينة المنورة، طلال العمري، من عمليات تداول أراضي الدولة المنهوبة، وأرجع أسباب تفشي الظاهرة وتفاقم الأزمة إلى تدني مستوى الأسعار لتلك الأراضي، بالإضافة إلى السماح بعمليات البيع والشراء والعرض والتدليس من خلال وجود وثائق واستحكام لتلك الأراضي المسلوبة. وعدد العمري أسباب تفشي الظاهرة في المُجمل قائلًا: السبب الرئيس وراء إقبال المواطنين لشراء تلك الأراضي إلى ارتفاع أسعار الأراضي النظامية ذات الصكوك الشرعية الصادرة عن كتابات العدل وفروع المحاكم الشرعية، بالإضافة إلى عدم توفر حلول للأراضي، التي تكون زراعية ولايوجد بها خدمات المياه والكهرباء إلى جانب تأخر الإجراءات في تحويل الأراضي وعدم توفر البنية التحتية في كثير من أراضي المنح، بالإضافة إلى بُعدها عن الخدمات البلدية وتأخر إيصال الخدمات لأراضي المُستحقين، وقال إن كثيرا من الإجراءات، التي اعتمدت من قبل المجلس الاقتصادي الأعلى، ستؤدي إلى إصلاح الكثير من الأخطاء وإقرار الضوابط التي تؤدي إلي توفر فرص الإسكان وتهيئة البنية التحتية لمخططات المنح. ولفت العمري إلى استعداد اللجنة العقارية لتقديم كل المعلومات للمواطنين عن المواقع والمخططات المُعتمدة، التي لاتوجد عليها ملاحظات، والتي من الممكن أن يتملكها المواطنين بدون أن تواجههم إشكاليات في المستقبل وتضعهم تحت طائلة الأنظمة والعقوبات المخالفة للعمليات التنظمية لسوق العقار وتجارة الأراضي. المزيد من الصور :