×
محافظة المنطقة الشرقية

مصرع زعيم «أجناد مصر» و35 إرهابيا

صورة الخبر

وجود دولة ضعيفة ومفككة وفقيرة على الحدود، قد يشكل خطراً أكبر من خطر نشأة دولة قوية مستقرة. فالاضطرابات السياسية قابلة للانتقال، والتعامل مع دول قوية أسهل بكثير من التعامل مع ميلشيات وتجمعات قبلية أو طائفية. من هنا، قد يصبح اليمن مفتاحاً لاستقرار المنطقة، وقد يكون عاملاً لتدميرها. تقدر نسبة البطالة في اليمن بين 40 و50 المئة، مع نسبة فقر ومجاعة تعصف بما يقرب من نصف السكان، والذي يشكل الشباب فيه نحو 75 المئة من العدد الكلي. الفقر والتردي الاقتصادي ليسا بالأمر الجديد، بل هما حال اليمن منذ أعوام. اليمن يعيش منذ أعوام أوضاعاً «غذائية» مأسوية، تجعله يتجاوز في السوء بلاد المجاعات الأفريقية. هناك مئات آلاف الأطفال يعانون من سوء التغذية، مع استمرار معدل النمو السكاني بما يقارب 3 المئة سنوياً. وهو رقم مرتفع نسبياً. هذه الأوضاع الاقتصادية تأتي في ظل فشل كامل للدولة في اليمن، وهذا قديم متأصل. فالقبائل اليمنية مسلحة وخارج نطاق الدولة، التي ينحسر نفوذها خارج صنعاء، حتى خرجت «الدولة» كلية من صنعاء على يد الحوثي أخيراً. تنظيم القاعدة خطر آخر يواجه اليمن، وانعدام سيادة الدولة شمل سابقاً استباحة الولايات المتحدة لأجواء اليمن وأراضيها لقيادة حرب غير معلنة ضد «القاعدة» باستخدام الطائرات من دون طيار «الدرونز». هنا يجتمع على اليمن فشل سياسي وفشل اقتصادي في ظل انهيار وانقسام داخل المؤسسة العسكرية الضعيفة أصلاً. فلا يبدو بأن شيئاً في اليمن يمكن أن يحفظ مصالح شعبها أو يعالج المشكلات الطارئة التي تعاني منها البلاد. لا يحق لأحد في دول الخليج العربي أن يترك اليمنيين لمصير كهذا، في منطقة غنية بالخيرات الاقتصادية، ومستقرة سياسياً. من هنا يأتي الحديث المتكرر عن ضرورة ضم اليمن إلى دول مجلس التعاون الخليجي، على رغم الإحباط الذي يساور كثيرين من جدوى المجلس بعد مقارنة سياساته ومخرجاته بسياسات ومخرجات الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال. فقد حقق الاتحاد الأوروبي خلال سنوات قصيرة ما لم يحققه المجلس الخليجي الأقدم، والأكثر انسجاماً ثقافياً واقتصادياً وسياسياً. مع هذا يبقى للمجلس بنيته التي يمكن أن تطور مستقبلاً لتحقق آمال شعوب المنطقة. ويبقى ضم اليمن مهماً في اللحظة الراهنة، وإن كانت خطوة متأخرة. فعلى الأقل يكون ضم اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي بداية لتطوير اليمن اقتصادياً والتخفيف من الأزمة الخانقة التي تعصف بسكانه. لم يكن اليمنيون في يوم ما خارج سياق المنطقة، فقد أسهموا بصورة مهمة في تنمية المملكة في مرحلة «الطفرة»، وكان لليمنيين مزايا واستقلال في العمل والتجارة في السعودية لم تنتهي إلا بعد 1990 وانحياز علي عبدالله صالح إلى صدام حسين في غزوه للكويت، إذ تمت معاملة اليمنيين معاملة بقية الجنسيات الأخرى من حيث أنظمة العمل السفر وإنهاء الاستثناء اليمني في المملكة. هذا التاريخ يعني أن المخاوف التي يطرحها بعضهم من اختلال الاقتصاد الخليجي نتيجة القبول باليمن في دول مجلس التعاون مخاوف متوهمة، ولا تحمل أي وجاهة. فهناك ملايين الأجانب الذي يعملون في منطقة الخليج وهم لا ينتمون إلى ثقافتها ولا نسيجها الاجتماعي، في مقابل أن اليمن جزء من المنطقة وسكانه من صميمها وليسوا قوماً عابرين. اليمن أولى من أي دولة أخرى بأن يُدمج في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي. وسيكون لهذه الخطوة نتائج مهمة على مستوى الاستقرار السياسي في اليمن والمنطقة. فالاقتصاد مفتاح لضمان عودة الدولة للفاعلية في اليمن، إضافة إلى أنه خطوة نحو الحد من تشظي اليمنيين وانقسامهم في ظل الخوف والجوع، إذ لعب العامل الاقتصادي والخوف من عزل بعض الأقاليم في النظام الجديد الفيديرالي، وانقسام اليمن إلى أقاليم فقيرة وأخرى غنية، لعبت هذه المخاوف دوراً أساسياً في التشظي السياسي والشكوك حيال أي حل سياسي لرسم يمن ما بعد 2011. الحوثي جزء من مشكلات اليمن، لكنه ليس كلها. الفقر والجوع والبطالة والجهل وفشل الدولة وانتشار السلاح والانقسامات القبلية وانهيار المؤسسة العسكرية والأمنية أشباح تعصف بواقع اليمن ومستقبله، ومعالجتها لا تقل أهمية عن معالجة أي حالة طارئة أخرى. تعنى الدول عادة بما يسمى عمقها الاستراتيجي، فتقوم –بحسب قدراتها– بمحاولة المساهمة في استقرار محيطها سياسياً واقتصادياً؛ لأن هذا من ضمانات استقرار الدولة نفسها، إضافة إلى أن في الدعم الاقتصادي فائدة للجانبين. كون اليمن يملك خزاناً استراتيجياً من القدرات البشرية، ومعظم دول الخليج تعاني من مشكلة سكانية كبرى، باختلال نسبة الوافدين إلى نسبة السكان، بما يزيد على 90 في المئة في بعض الدول، يجعل وجود اليمن في مجلس التعاون عامل استقرار مهماً على المدى البعيد. توسع مجلس التعاون الخليجي ضرورة، وتطوير أنظمته ليصبح أكثر تعبيراً عن شعوب دول الجزيرة العربية مسألة حياة أو موت في ظل الاضطراب السياسي والعسكري في المنطقة. لا يمكن لهذه النقلة أن تحدث من دون ضم دول أخرى لمجلس التعاون، متمثله في اليمن، وربما الأردن في خطوة لاحقة، وإجراء تعديلات جوهرية على طبيعة المجلس تجعله قوة قادرة على الموازنة السياسية والعسكرية في منطقة مضطربة.