×
محافظة المنطقة الشرقية

الزعاق : لا صحة لقدوم “موجة غبار” غير مسبوقة غداً

صورة الخبر

حسن حسني صالح عبدالوهاب علم من أعلام العرب المعاصرين في الأدب التراثي والفكر التأريخي والكتابة والتأليف في هذين المجالين اللذين كانا له فيهما باع طويل وفكر عريض وأدب جم، الشيء الذي يجعلنا نتوغل في فكر هذا الرجل التونسي المسلم المنافح عن التراث العربي في وطنه وخارجه. ولد في تونس سنة 1884م وتوفي بها سنة 1968م، وحسن حسني هو اسمه أما والده فاسمه صالح بن عبدالوهاب الذي تقلب في عدة وظائف في علية القوم في تونس، من أهمها مترجم في السفارات المتنقلة التي كانت ترسلها الدولة التونسية إلى أوروبا، أما الابن حسن حسني فقد درس في كتاب بنهج سيدي الموحد ثم تدرج في المدرسة الابتدائية بالمهدية وحفظ الربع الآخير من القرآن الكريم، أضف إلى ذلك تعلمه اللغة الفرنسية وهي العادة التربوية عهد الاستعمار الأجنبي، وفي ذلك العهد التحق حسن حسني بالمصالح الاقتصادية سنة 1916م ويقول إنه استفاد كثيراً من هذا العمل حيث أتيح له الإطلاع على مجرى أحداث التاريخ التونسي ولا يخفى أن المكاتيب الدولية في تونس تلك الأثناء هي من محاسن وأساسات الوزير خير الدين، وبمجرد إنتهاء الحرب الكبرى الثانية من البلاد التونسية انتخب حسن حسني وزيراً للقلم ومعلوم أن وزارة القلم هناك في تونس هي بمثابة وزارة الداخلية والقيام بتحرير المهم من الكتاتيب الدولية وبعد تحرير تونس دعي حسن حسني لرئاسة المعهد القومي للآثار والفنون في سنة 1957م واستمر في ذلك المنصب الى عام 1962م، وخلال ترأسه للعمل الثقافي كانت عدتها خمسة متاحف منها أربعة للأعلاق الإسلامية ومتحف أسد بن الفرات برباط سوسة ومتحف إبراهيم بن الأغلب في القيروان. وأثناء ذلك نشر هذا المؤرخ الأديب فصولاً ومقالات ودراسات في مختلف الجرائد والمجلات التونسية كما قدم مصنفات وكتباً ببعض تمهيدات تاريخية وفلسفية وهي نحو العشرة مؤلفات في شتى الأغراض الأثرية، وقد أقبل حسن حسني على العلم والأدب والفكر والتاريخ وتمت مشاركته في غالب مؤتمرات المستشرقين ابتداء من عام 1905 م بالجزائر وقدم بين يدي هذه المؤتمرات بحثاً عن الاستيلاء العربي لصقلية، وكانت فرصة معرفية وفكرية للتعرف من قبله على العلماء المشاركين في تلك المؤتمرات عرباً وعجماً منهم محمد فريد بك رئيس الحزب الوطني إذ ذاك بمصر والشيخ عبدالعزيز شاويش العالم والمفكر المعروف وهو تونسي الأصل وفي سنة 1908 م شارك الأديب والمؤرخ حسن حسني في مؤتمر كوبنهاجن عاصمة الدنمارك ويقول: إنه هو المسلم الوحيد في حضور هذا المؤتمر وقدم في هذا المؤتمر ورقة عمل بعنوان مختلف العناصر التي يتكون منها الشعب التونسي وطبع بتونس سنة 1917م وقد انابته الحكومة في تونس عن المشاركة في مؤتمر الموسيقى الشرقية المنعقد بالقاهرة سنة 1932م ويروي إزاء ذلك تعرفه بالأمير أحمد فؤاد نجل الخديوي إسماعيل ويرى أن الملك فؤاد بلا منازع من أجلّ ملوك المسلمين ومن أقواهم عزيمةً وحباً لجمع الكلمة ولا شك أن الملك فؤاد كانت له مواقف حاسمة للحصول على إستقلال مصر وكذا في الدفاع عن إستقلال العرب وهو الذي عينه عضواً في مجمع اللغة العربية لأول تأسيسه في عام 1932م. وفي غمرة هذه الثقافيات والتاريخيات أن أتقن حسن حسني اللغات الفرنسية والإيطالية وكذا من التركية ومن ذلك كذكك عناية المترجم له بالتدريس لتاريخ تونس في الخلدونية من سنة 1910م إلى 1924م وكذا درّس في المدرسة العليا للغة والآداب العربية في سوق العطارين في العاصمة تونس من 1913 الى آخر عام 1924م كم عين عضواً مشاركاً في المجمع الفرنسي للنقاش والفنون الجميلة سنة 1939م وكذلك في المعهد المصري وعضواً مراسلاً للمعهد التاريخي الإسباني منذ أربعين عاماً من ذلك التاريخ ثم عضواً في كل من المجمع العلمي العربي بدمشق وفي المجمع العلمي العراقي في بغداد، وفي سيرة حسن حسني عبدالوهاب أ نه حج ثلاث حجات بدءاً من سنة 1935م وتعرف بالملك عبدالعزيز آل سعود وأقام ضيفاً على السعودية واستفاد من محادثات الملك بكثير من أخباره وقيامه بالدعوة لأسرته وفتوحه وتوحيده للمملكة العربية وفي إحدى تلك الحجج تعرف هذا العلم بالمستعرب الإنجليزي عبدالله فليبي الذي أفاد منه كثيراً عن جولته العلمية في الربع الخالي والأحقاف من الجزيرة العربية تلك الجولة التي قطع معظمها في سيارة وعلى الجمال وقد أدرج في ذلك كتاباً مفيداً لهذه الرحلة. ألف حسن حسني عبدالوهاب مؤلفات عديدة سواء في التاريخ التونسي وحضارته أو في تاريخ التراث العربي على وجه العموم من ذلك ورقات عن الحضارة العربية بأفريقيا التونسية في ثلاثة أجزاء وكتاب "الإمام المازري" وهو الفقيه المالكي المشهور ترجم له مع بحث تسلسل علمي في تونس منذ الفتح العربي وقد طبع في تونس في 1955م، وله كتاب "شهيرات التونسيات" وطبع عدة طبعات من بينها الطبعة الرابعة من منشورات مكتبة المنار بالعاصمة التونسية وله كتاب مشاهير التونسيين في نفس النهج للأعلام من الأدباء والعلماء والأدباء في بلده كما أن له كتاب "خلاصة تاريخ تونس" لخّص فيه التاريخ التونسي وحضارته وجغرافيته وعلوم أهله وتواريخهم في الفقه والأصول والحديث والتفسير واللغة العربية وآدابها والتاريخ العربي الإسلامي عموماً. أما الورقات فيقع في ثلاثة أجزاء يتحدث فيه مؤلفه عن الحضارة العربية الإسلامية في تونس بأفريقيا منذ القرن الأول للهجرة بعد الفتوحات المنبعثة من مكة المكرمة والمدينة المنورة أضف إلى ذلك شعاع العروبة والتاريخ الإسلامي من الجزيرة العربية بما فيها حضرموت التي هاجر كثير من مهد العرب وامتداداً إلى شمال أفريقيا بما فيها مصر وتونس والمغرب يسجل في ذلك تواريخ الأعلام من شخصيات علمية وثقافية وتحدث في هذه الفصول سرداً معرفياً ويحلل ذلك بامتدادات سيراً وتواريخ بعد أن فتحت أفريقية التونسية وهو ال"اسم الذي خصصه المؤلف باسم "ورقات عن الحضارة العربية بإفريقية التونسية" كما تحدث في هذا الكتاب المهم عن العمران في تونس والعلوم فيها ومجتمعها كما يستشف في ذلك الشخصية التونسية أضف على ذلك مرتكزات بيئته وعلمه وعمله كما عرف بكثير من الأعلام من التونسيين القدامى كسليمان القافقي والحكم السعدي والحسن المذحجي رواد اللغة والأدب ثم يونس النحوي وهو نحوي مشهور وهناك في تونس بيت الحكمة والترجمة حيث تحدث حسن حسني تحدث عنهم كثيراً في شتى التخصصات كالأطباء كموسى العزار وأحمد بن الجزار ومن مشاهير الخطاطين. يتحول المؤلف إلى التاريخ السياسي القديم لتونس كالعباسيين والأغالبة، الذين أشتهر منهم رجال سوسة كسعيد الكلبي وأبو الأحوص وإبن بسطام أما الموسيقى وآلات الطرب قد تحدث عنها في فصول ويبقى القول أن حسن حسني عبدالوهاب قد ساغ تونس من الفتح إلى الدين إلى الأدب إلى التاريخ معالم وأماكن كالمساجد والمعابد في القيروان التي بناها عقبة بن نافع وجامع الزيتونة ومآثر السلف فيها من علوم وآداب وفنون العمارة والتاريخ والأدب ويدخل في إطار ذلك علوم الشريعة واللغة العربية وتاريخها وآدابها التي تشكل رموزاً للثقافة والحضارة بعد مجيء الإسلام وانتشاره في العالمين ومن ضمن ذلك كذلك الفكرة الحضارية والعلمية في نقول وفصول لتاريخ تونس الحضاري والمعرفي والعلمي. إن حسن حسني عبد الوهاب ألف وصنف فيما طرحناه من تراث أصيل وتاريخ رزين وأدب جم ومعرفة واسعة هذه الأصول التي هي بمثابة البنية التحتية للثقافة في تونس والمغرب عموماً التي نزح إليها الكثير من علماء من الصحابة كما نزح إليها كثير من التابعين الذين يحملون فقه الشريعة وعلوم العربية وكنوز الأدب العربي وقد سرد ذلك المؤلف على نهج تاريخي بالسنوات الهجرية وقد يؤرخ بعد ذلك بالسنة الأجنبية، وقد نيف كتاب الورقات في عدد صفحاته زهاء 1500 صفحة وخرج في أحسن لباس وأروع إخراج عن مكتبة المنار بتونس يحمل الجزء الأول تاريخ نشره سنة 1965م أما الجزء الثاني فيحمل تاريخ نشره سنة 1981م والجزء الآخير يحمل تاريخ نشره 1972م وهي تواريخ مختلفة سنةً لكنها تحمل التاريخ الموضوعي لأن هذا الكتاب وهو كتاب الورقات طبع عدة طبعات ويجدر بالذكر ان الجزء الثالث الذي لم يواف المؤلف كتابته فقد جمعه من بعده وأشرف على طبعه الأديب التونسي الأكاديمي الدكتور محمد العروسي المطوي الذي أحمد الله إليه أن قدم هذا العمل المعنوي والتاريخي والمعرفي وتراث الأسلاف في ذلك البلد الشامخ الذي يحمل بصمات ورموزاً للتراث العربي والإسلامي في الشمال الأفريقي. وينشد حسن حسني عبدالوهاب فيما كتبه العلم النافع المسطر من الفكر في ثقافيات وحضاريات علوم العرب القدماء، ومثل هذا العلم يخدم الكثير من النازحين عبر الفتوحات لا يفيدهم علماً فحسب لكنه يفيدهم للعمل والشغل والإنجاز في مختلف مجالات الحياة.