ذكرت الحياة (18 مارس( أن مسؤولي مجلس الشورى طلبوا من الإعلاميين مغادرة قاعة المجلس بسبب مناقشة موضوع مهم اعتبروه «سريًا»، ألا وهو ظاهرة التفحيط ووضع تنظيم خاص لتجريم ممارسي هذه الهواية المفزعة المهلكة. دعونا من سبب الطرد المؤدب. ولنعد إلى موضوع التفحيط، إذ يبدو أن مجلس الشورى بات يُلوِّح بسلاح التجريم لكل مرتكب لجريمة التفحيط! أولاً يُشكر المجلس على اكتشافه الباهر، إذ وبعد كل هذا العدد من الضحايا المقتولين والمعاقين والمجروحين، وبعد كل هذا الأنين الصادر من ذوي الضحايا آباء وأمهات وغيرهم من الأقربين! بعد هذا كله يقدم المجلس، أو هو في طريقه إلى تقديم مشروع قانون أو تنظيم أو تشريع لمكافحة هذا السلوك المشين. هي خطوة رشيدة في الطريق القويم، والأمل ألاّ يطول بالتنظيم الانتظار متنقلاً من مصلحة إلى أخرى، ومن غرفة لأخرى قبل أن يصبح نافذاً واجب التطبيق، أو ربما حُفظ إلى أجل غير معلوم. السؤال الأهم: لماذا يتوجب علينا الانتظار كل هذه السنوات قبل أن نتحرك بجدية وصرامة حتى يُقضى على الجريمة في مهدها، وعلى الممارسة الفظيعة قبل انتشارها؟ لماذا لا نكون سبّاقين، ولدينا كل الأدوات اللازمة للفوز في السباق! لدينا التشريع الرباني الذي يُحرِّم كل سلوك يضرّ بالنفس وبالآخرين؟ ولدينا الإحصائيات والأرقام التي تُعزِّز من التوجه نحو تشديد العقوبة على مرتكبي الجرم المشهود! ولدينا كل العقول المفكرة والمبدعة التي يمكنها صياغة الأنظمة واللوائح، وتلك التي تحسن وضع آليات التطبيق والتنفيذ. هذا البطء غير المقبول يُذكِّرني دائماً بمسألة حظر التدخين على طائرتنا الوطنية وحظره في مطاراتنا الداخلية والدولية إذا كنا للأسف آخر المبادرين أو قريباً من ذلك مع أن لدينا كل الحوافز الربانية والثقافية والاجتماعية والصحية التي تسمح لنا بأخذ زمام المبادرة وإعلان حظر كل سلوك مرفوض. وغير جريمة التفحيط جرائم أخرى لا بد من التصدي لها بكل حزم مثل العنف الأسري الغليظ، والاحتيال المالي المنظم كالعبث في سوق الأسهم أو أخذ الرشوة وتقديمها، وما إلى ذلك من صور الفساد المالي والإداري والسلوكي. salem_sahab@hotmail.com