×
محافظة مكة المكرمة

120 ألفا من سكان جدة يراقبون أعمال 17 جهة حكومية

صورة الخبر

يتوهم بعضٌ ممن يتمسكون بالأعراف والتقاليد أن فتح الباب للمرأة كي تعمل والمساواة بينها وبين الرجل في ذلك المطلب, والوقوف إلى جانبها لتتمكن من قيادة السيارات، وممارستها الرياضة في المدارس هي وصفات (ليبرالية) أو كما يطلق عليها من ينتمي للسنة الأولى لتلك الفئة التي تتغطى بجلباب التدين الحق، وهو براء منهم بـ (التغريبية). إن تلك المطالب التي تنتظر موافقة المجتمع -حسب زعمهم- ليست بالمطالب المشروعة فحسب، بل هي حقوق واجبة التنفيذ، وذلك بناء على الاتفاقية التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة 1979م، ووقعت عليها المملكة عام 2000م التي أكدت على أهمية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ونصت على أن التمييز ضدها يشكل انتهاكا لمبدأي المساواة في الحقوق واحترام كرامة الإنسان، ويعد عقبة أمام مشاركة المرأة على قدم المساواة مع الرجل في حياة بلدهما. تلك الاتفاقية التي يجهلها المعارضون شملت ثلاثين مادة تتعلق بالمساواة في الحقوق بين المرأة والرجل في المجالات المدنية والاجتماعية والسياسية والثقافية حيث دعت إلى عدم التمييز بين المرأة والرجل في مجالات العمل، كونها قادرة على القيام بكل الأعمال التي يقوم بها الرجل، ما يعطيها الحق في الحصول على فرص العمل والأجر, كما دعت إلى إعطاء المرأة الأهلية القانونية المماثلة لأهلية الرجل، والتساوي معه في فرص المشاركة في الأنشطة والألعاب الرياضية والتربية البدنية، وهو ما أكدته المادة العاشرة الفقرة (ز) من الاتفاقية. إن إشكالية المرأة (هنا) تتمثل في شقين أولهما يتعلق بالأنظمة والقوانين لبعض المؤسسات الحكومية والخدمية ووزاراتها كتلك التي ميزت بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات كعدم قدرة المرأة المتزوجة من غير السعودي على (سعودة) أبنائها، ووجود أنظمة (مطاطية) تتساهل في إعطائها حق حضانة أبنائها ورؤيتهم بسلاسة، وحقها في النفقة، الذي يجب أن يرتبط بآلية ملزمة للرجل في دفع المبالغ المقررة عليه من خلال الاستقطاع المباشر من حسابه إلى حساب طليقته, وكذلك حقها في التنقل والقيام بمهامها التجارية والخدمية بذاتها دون توكيل أو إنابة ومحدودية الوظائف المسموح لها بالعمل فيها، وحقها في وجود المحاكم الأسرية لحفظ خصوصياتها وتفاصيلها. أما الشق الآخر وهو الذي يتشدق به أولئك (الفلكلوريون) فيتمثل في الثقافة والتقاليد والأعراف السائدة التي (غيبت) مشاركة المرأة في معظم أنشطة الحياة حتى أننا أصبحا نخجل من البوح بأسماء أمهاتنا ونسائنا, وجعلت من حق الرجل أن يرسم الخطوط، ويحدد السلوك الذي ينبغي على المرأة أن تلتزم به. إن تلك الاتفاقية وبما نحمله من إرث إسلامي (صحيح) كفيل بإخراج المرأة من جلباب الرجل ووضعها في موقعها الصحيح كما كانت عليه إبان عصور نهضتنا الإسلامية عندما كانت تقف جنبا إلى جنب مع شريكها في التنمية والدعوة والإرشاد دون أي إنقاص لعقلها أو حجر على إمكاناتها وقدراتها، وليس كما وصفها بعضهم ومنهم أبو حامد الغزالي عندما قال: أعلم بأن جملة النساء على عشرة أصناف وصفة كل واحدة تشبه صفة الحيوانات فالأولى كالخنزيرة والثانية كالقردة والثالثة كالكلب والرابعة كالحية والخامسة كالبغلة والسادسة كالعقرب والسابعة كالفأرة والثامنة كالطير والتاسعة كالثعلب والعاشرة كالغنمة. لقد تأخرنا كثيرا لاتخاذ التدابير المناسبة بما في ذلك التشريعية منها، لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزا ضد المرأة وتغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك المجتمع بهدف تحقيق القضاء على العادات العرفية القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر. إن الوقت قد حان لتمكين المرأة من جميع حقوقها دون تجزئتها ودون وصف أحدها بالأهم فهي حقوق واجبة التنفيذ إنسانيا وقانونيا ابتداء من قيادتها السيارة مرورا بممارستها الرياضة وفتح المجالات لها للعمل دون أية قيود، وانتهاء بتوليها القيادة سواء في مجلس الشورى أو المقاعد الوزارية, وفتح المجال (الشرعي) لمنظمات العمل النسائية لرعاية حقوق المرأة والدفاع عنها. إنه من المستحيل أن تقوم تنمية بشرية في بلد ما، ونصْفه معطل (76% من الجامعيات السعوديات عاطلات عن العمل)، فالتنمية الكاملة تتطلب مشاركة المرأة أقصى مشاركة ممكنة في جميع الميادين، وأن دورها في الإنجاب لا يجوز أن يكون أساسا للتمييز بل إن تنشئة الأطفال تتطلب تقاسم المسؤولية وتحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة وإحداث تغيير في الدور التقليدي للرجل والمرأة. كل ذلك لن يتأتى إلا من خلال تفعيل الأنظمة وسن الأخرى التي تكفل حقوق المرأة مع التركيز على ما يقدم في المناهج الدراسية في التعليم العام والعالي خلال السنوات المقبلة لإحداث تغيير حقيقي في ثقافة المجتمع (الذكوري) بعيدا عن تأويل (البعض) لمفهوم القوامة ونقصان العقل ولي أعناق الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة لاستعباد النساء, والدين من ذلك براء.