×
محافظة مكة المكرمة

ريال مدريد وكيكو إلى نهائي بطولة أمانة جدة

صورة الخبر

نقف مكتوفي الأيدي والتفكير، في حال من الذهول والاستغراب، وكأننا لا نصدق ما نشاهده، وما يشكل خطراً على مستقبل أبنائنا، ما إن نسمع عن قدوم إجازة إلا وتعلن الحرب أوزارها من كل الجهات، يبدأها الطلاب بغياب جماعي من دون استثناء مع مباركة الأهل وسكوت وصمت المدرسة وغياب الحزم من وزارة التعليم. إنها مسؤولية مجتمعية كاملة، مثلث لا يمكن الاستغناء عن دور وأهمية كل منهم: الأسرة، المدرسة، الوزارة. ظاهرة تتكرر مع قدوم كل إجازة لمعظم الطلاب، غياب جماعي، تقع فيه الأسرة بجهل وعدم إدراك أهمية الحضور وأهمية الالتزام، وما تأثير ذلك في شخصية الأبناء في الكبر؟ لن يعرفوا ضريبة هذه التصرفات غير المسؤولة إلا في الكبر، عندما يرغبون من أبنائهم في أن يكونوا مسؤولين يتحملون المسؤولية ويتعلمون الانضباط في جوانب الحياة المختلفة. سيتفاجأون، لا توجد هذه الانضباطية ولا هذه المسؤولية، فشخصية الأبناء تتشكل في الصغر، وهذا هو المخيف، والقلق الذي ينتابنا من تكرار هذه الظاهرة في حال الغياب الجماعي في معظم المدارس، وللأسف تتباهى بعض الأسر أو الأفراد بها، من دون إدراك خطورة ذلك في المستقبل. سؤال يطرح نفسه هنا: ماذا علَّمْنا أبناءنا من هذا السلوك؟ للأسف علمناهم عدم المسؤولية، عدم الانضباطية واللامبالاة، وعلمناهم الكسل وعدم تقدير أهمية الوقت والعلم وعدم الالتزام . المدرسة تتحمل جزءاً من ذلك، وتقع عليها المسؤولية في عملية الانضباط وإقرار القوانين المدرسية، التي لا بد من أن تكون حازمة، وأن يكون لها دوره بارز في العملية التعليمة والتربوية والنظامية، فهي التي تعلِّم الأجيال وتصقل الشخصية وتطور الفكر والوعي، إن لم تقم بدورها المطلوب فما الفائدة منها؟! المدرسة ليست فقط تلقين المعلومات، بل لها إسهام كبير في توعية الطلاب والأهل أيضاً، ولن يكون ذلك إلا إذا كانت هي أنموذجاً يُقتدى به، وللأسف سمعنا من أبنائنا أن المدرسين أنفسهم من يقومون بعملية الإيحاء بالغياب للطلاب، أنه لن يحضر الكثير من الطلاب، كما أيضا يقف -تماماً- شرح المواد والتدريس، وكان يفترض أن يعرض ويقدم الدرس لكل مجتهد حريص تم حضوره إلى المدرسة، وهو ما يعطي المدرسة أهمية لحضور الطلاب، وإبلاغ الغائبين عدم شرح الدرس مرة ثانية، هذا ما يجعل الأهل يفكرون ألف مرة في الغياب. ما يحدث يشكل خطراً أكبر مما نتصور، هو أن هناك غياباً في مفهوم أهمية العمل، غياب في مفهوم حب العمل من المعلمين، غياب الحس المسؤول من الأهل والمدرسة، فكلاهما يقع في الخطأ نفسه، يجعلنا نطرح سؤالاً آخر: أندرك أهمية العمل والتعليم والالتزام ومدى تأثيره في حياتنا وحياة أبنائنا والمستقبل أم أن هناك ما هو أخطر، بأننا نسير من دون هدف واضح في الحياة، أو وعي في كيفية النهوض التنموي والتنويري لمجتمع كامل؛ لكي يقاوم السلبيات والركود الفكري والتنموي والاقتصادي والاجتماعي؟ كما أن دور وزارة التعليم مهم وأساس في ضبط عملية الغياب والحضور عن طريق قوانين صارمة لعملية الانضباط لطلاب وللمدرسة، وأن تفعل وتطبق فعلياً، والتحري عن سبب تلك الظاهرة التي بدت من سمات المجتمع، يتناولها الجميع نكتةً واستهزاءً وضوضاويةً لا تنبئ بخير أبداً، ودور الوزارة كبير لما لها من صلاحيات تستطيع من خلالها البحث والتعقب والمراقبة في إيقاف هذا النزف التنموي والفكري والتعليمي. أهم المقومات الأساسية في نهوض المجتمع التنموي في كل مجالاته هو الوعي بقيمة الوقت، الوعي في تحمل المسؤولية، الوعي بالأدوار المطلوبة من كل جهة مسؤولة، الوعي بالعمل والسعي والجهد واحترام قيمة الإنسان. Haifasafouq@