أجزم أن بعض "ربعنا" ممن يرون أن التمدد الحوثي المتسارع في اليمن شأن يمني، علينا ألا نلقي له بالا. هم أشد خطرا على بلادنا من أي شيء آخر، ونجزم أيضا أن تأخر السعودية ودول مجلس التعاون عن درء هذا التمدد ووأده "رضي من رضي وغضب من غضب" أصبح خطرا على أمن بلادنا وخليجنا واستقرارهما. من يرددون أن ذلك شأن داخلي يمني عليهم أن يقرأوا التاريخ جيدا، ولا نقول التاريخ القديم بل الحديث جدا، ليدركوا معنى أن يسيطر الحوثيون على اليمن، ومعنى أن يكون على حدك الجنوبي عصابات تنهش في حدودك أو أبنائك بين الحين والآخر. ودعوتنا لهم لقراءة التاريخ تنطلق من معرفة المولود الإيراني الجديد بعد مواليدها الذين أصبحوا أكثر فتكا وتسلطا في العراق ولبنان. لن نزعجكم بقراءة التاريخ كاملا، فقط تأملوا حزب الله في لبنان وكيف أن الوليد الضعيف الذي خرج من رحم منظمة أمل الشيعية في لبنان أصبح بإمكانه أن يقتحم العاصمة بيروت في أي وقت وينكل بأهلها، غدا السيد المطاع، الذي لم يجرؤ اللبنانيون على محاسبته.. فكيف بمواجهته؟! كي ندرك معنى المد الإيراني لا بد من العودة إلى جذور التوسع، ولا بد أن نفهم الحكاية كيف بدأت وكيف كبرت، ولا بد أن نعرف كيف نشأ حزب الله، وما الظروف التي ساعدته، ومن هم مؤسسوه الحقيقيون، وهل هم من أهل إيران أم من لبنان، ما عقيدتهم؟ وعماذا يبحثون وما وسائلهم؟ نقول اقرؤوا التاريخ القريب لتتضح لكم المسألة، ولعلكم بعدها ترون أن شأن اليمن يخصنا كثيرا، وتؤمنون بعدها أن الثور لا يعطى الحليب. هل تريدون أكثر أم إنكم منبهرون بإنجازات حزب الله وكيف قلب لبنان إلى مسرح دموي، كما فعلت الأحزاب الطائفية في العراق. نشدد على ذلك رغم أنه آلمنا وأوجد في قلوبنا حسرة، لكن أن يصل المد الإيراني الطائفي إلى جنوبنا فتلك مسألة فيها نظر، لا تستلزم التوقف أو حتى التفكير المبالغ فيه، بل فعلا حاسما يعيد إلى اليمن الأمن واستقرارها. نعم، نريد أن يكون لبلادنا كلمة عسكرية فيما يحدث، وأحسب أن الأمور ستزداد سوءا إن نحن انتظرنا قرار مجلس الأمن أو رؤية الجامعة العربية وحتى نتاج اجتماع الدوحة، فتركيا لم تنتظر أحدا وهي تتوغل في شمال العراق لملاحقة الأكراد الذين هددوا أمنها. وبريطانيا لم تأخذ رأي أحد وهي تحرر جزر فوكلاند المختلف عليها مع الأرجنتين، وأميركا لم تأبه بمجلس الأمن والعالم حين لمسها بعض تهديد من جزيرة قرينادا. وعليه، فإن أي تردد وانتظار سيمنح المد الإيراني القادم من الجنوب الفرصة الأكبر للتغلغل في المنطقة، ليكون الحصار مكتملا من الشمال والشرق والجنوب. وبعد، هل يجوز لنا أن نتبنى نظرية السكوت، أو الحلول القادمة من الخارج، أو نركن إلى تبلد بعض الرأي الداخلي الذي يفضل عدم التدخل، أو حتى البحث عن تجميع التأييد قبل أن نقول كلمتنا تجاه الخطر الذي يحيط بنا. نقول وبملء أفواهنا ادحضوا الحوثي قبل أن يصبح قوة كبرى تهدد أمننا. تسلموا من شره ومن خطر إيران.