×
محافظة المنطقة الشرقية

اقتصادي/ الخطوط الحديدية توقع عقد المرحلة الثانية لتجديد ورفع كفاءة خط البضائع

صورة الخبر

كان ينتظر قرار الحكم الأخير، بصفته قائداً لفريقه فيرروكاريل أويستي.. في منتصف الملعب يقف، واضعاً يده على وسطه، مشاهداً النار تأكل المدرج الشرقي لملعب المهندس ريكاردو إتشبري بالكامل.. الدخان يغطي تماماً على فرحة الجمهور، الحريق كان متعمداً من جمهور ريفربلات بعد تأكده من خسارة لقب الدوري التورنيو ناسيونال لعام 1984 - المعادل لـأبيرتورا في وقتنا الحالي.. جمهور الريفر فعلها متعمداً كنوع من كسر عين ذلك الفريق الصغير الذي أحدث ثورة صغيرة في الكرة الأرجنتينية خلال السنوات الأولي لذلك العقد.. كسر عين يأتي من حقيقة أن ملعب ريكاردو إتشبيرى – الذي تم افتتاحه عام 1905، كان لا يزال الملعب الوحيد المصنوع من الخشب بين الأندية الأرجنتينية المحترفة.. كانت الإشارة واضحة من جمهور صفوة العاصمة إنكم أفقر من أن تفوزوا بأية ألقاب. العبث هيكتور كوبر قائد فيرروكاريل أويستي تلقى الإشارة من الحكم بإلغاء اللقاء، وإعلان فوز فريقه المغمور صاحب الزي الأخضر بنهائي التورنيو ناسيونال بمجموع مبارتي الذهاب والعودة (4 – 0)، منها ثلاثية كاملة على أرض الريفر. رغم الفوز باللقب الثاني خلال ثلاث سنوات بالنسبة لنادي مصنوع بالكامل من أيدي الطبقة العاملة للعاصمة، إلا أن حالة عدم اكتمال المباراة ظلت حجراً مهماً في حياة كوبر لنحو 30 عاماً تالية، عدم اكتمال تلك المباراة هو جزء من رحلته المنقوصة دوماً. القميص الصيفي المستعمل، الصوت المنخفض، الصمت المتكرر، الخوف من إعلان النجاح علناً، كل هذا ظهر في ذلك الحوار التلفزيوني الاحتفالي بفوز فيرروكاريل بالدوري، والذي يمثل كبسولة لما سيعيشه الشاب يتيم الأم، ذو الـ29 عاماً وقتها، كوبر.. فسكوته الخاص، برودة ردوده، تمييزه بين ما هو جاد وما هو هراء، يعكس شخصية كوبر. وهي شخصية عكس تماما نجم جيله مارسيلو بييلسا، ابن العائلة المقتدرة، ذات الاهتمامات الفنية والسياسية الخاصة.. كوبر لا يبدو مكترثاً لكل هذه الأضواء، يبدو هادئاً عندما يحاول المحاور استفزازه بأنه ليس له مكان ثابت في منتخب الأرجنتين، فريق المدرب بيلادرو، الذي سوف يكون بطلاً للعالم بعدها بعامين.. إمكانات كوبر المحدودة بين قلب الدفاع ولاعب الارتكاز تجعل تواجده في المنتخب أمراً بالغ الصعوية في ظل وجود منافسين مثل خوسيه لويس براون أو جيوستي أو كوشيوفو، إنه يعلم أن مستقبله كمدرب سيكون أكثر منطقية. شخصية صلبة ذلك العرق الإيطالي بداخلي يعني أني أسعى دوماً لتحقيق أمور مهمة، مثل الخيول الجامحة التي أحبها، وأعتقد أني شخصية تتمتع بصلابة كبيرة. هكذا قالها لاحقاً عام 2000 وسط كل المطالبات بإقالته كمدرب لفالنسيا.. بعدها بثلاثة شهور كان فريقه يصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا في باريس، إنها حالة الخروج من حالة العبث إلى حالة بعث. جزء كبير من شخصية كوبر تشكل في تلك المواسم العشرة التي عاشها مع فيرروكاريل.. حريق ملعب النادي كان حبة الكريز على كعكة مناخ بالغ السواد سيطر على الواقع الأرجنتيني، وطال الأندية الكبرى مادياً ومعنوياً، لتخرج من ذلك العبث فترة من أكثر فترات الكرة الأرجنتينية ثراءً، سمحت لأندية مغمورة مثل فيرروكاريل وكيلميس وتاييريس كوردوبا لدخول حلة المنافسة مع الكبار.. كوبر ينتمي كروياً وروحياً لمدربه في تلك الفترة كارلوس جريجول، والذي غير من عقلية لاعبي الفريق تماماً خلال عامين فقط من توليه المهمة، بين البقاء على قيد الحياة إلى الحصول على اللقب، بحفنة من اللاعبين أنصاف الموهوبين. الفريق تكون من بقايا الفرق الأخرى، إلى جانب مجموعة من الشباب بالنادي، كلهم كانوا تحت قيادة كوبر صاحب المهام الدفاعية الكاملة في الفريق، بنفس حالة الانضباط والتركيز التي عوضت كثيراً محدودية موهبته. لا أهتم بالكرة، بل بالفاعلية فريق لا يهتم كثيراً بالحصول على الكرة، ولكنه مهووس بالفعالية، تلك الكلمة ظلت كلمته المفضلة في قاموسه الخاص. ربما نلعب كرة مملة، أو كرة جميلة، مصطلح الكرة الجميلة هو أمر بالغ التعقيد، يمكنك أن تلعب كرة جميلة بأن تلمس الكرة 72 مرة أو أن تحقق هدفاً من خمس لمسات، كلاهما ينتمي للكرة الجميلة بالنسبة لي. الفوز على أرض أندبينديينتي برباعية نظيفة، ثم سحق ريفر في نهائي بطولة 84 بثلاثية أخرى، يمثلان نموذجاً مهماً لفريق متماسك صلد، يمكنه أن يلعب 90 دقيقة بنفس التركيز.. دفاع متقدم فيه كل مزايا 4- 4- 2 في نسختها الثمانينية، دون النظر إلى أسماء المنافسين، أسماء عظيمة من نوعية رامون دياز ، نوربرتو ألونسو ، إينزو فرنسيسكولي ، أو الساحر ريكاردو بوتشيني. هذا اللقب الذي فاز به كوبر كلاعب، يمثل حالة مشابهة كثيراً لما عاشه هو نفسه مع مايوركا بعد 15 عاماً. نعم نحن نميل للهجوم بأكثر من لاعب ، ولكن الجميع يقوم بالدفاع.. قالها كوبر نفسه عن تجربته برفقة مايوركا. كوبر شخص حافل بالتناقضات، بارد، متحجر، عنيد، قليل الكلام، هو نفسه الذي صنع موسماً تاريخياً لنادي الجزيرة المتوسطية الصغيرة في شمال شرق إسبانيا، بفضل مرونته الكاملة مع التعامل في المواقف العصيبة أو العبثية بمعنى أدق مثل بيع ستة لاعبين أساسيين دفعة واحدة في مقدمتهم بالغ الموهبة فاليرون.. استعان كوبر بحفنة من لاعبي الطراز الثاني أو الثالث، مثل فارينوس أو الكاميروني لاورين – أحد اكثر اللاعبين الأفارقة تعرضاً للتجاهل في السنوات الـ15 الماضية – إلى جانب تحويل جوفين ستناكوفيتش لأحد أفضل الأسماء في مركز الظهير الأيمن.. والحصاد كان المركز الثالث في الليجا، ومقاربة الفوز على واحد من أفضل التشكيلات الأوروبية خلال التسعينات تحت اسم نادي لاتسيو في نهائي أبطال الكؤوس في آخر نسخة له. مايوركا لم يكن ممتعاً ولكنه فريق يمتلك فعالية جعلته واحدا من أخطر فرق القارة آنذاك، بقيادة مهاجم مغمور مثل داني. كوبر يجيد تماماً بعث لاعبين تم إطلاق النار عليهم احترافياً لفترات طويلة. 2000 (April 5) Valencia (Spain) 5-Lazio (Italy... by sp1873 كوبر شاهد العديد من فترات حياته وهي تحترق من بعيد، الأمر لا يتعلق فقط بنهائيين متواليين دراميين لدوري الأبطال، أو صداماته المستمرة مع كلاوديو لوبيز في فالنسيا أو رونالدو في إنتر.. أو مدى تعاسته الخاصة أن تكون المرة الوحيدة التي بكى فيها بعد أي مباراة كانت بعد إنقاذ مايوركا من الهبوط في الدقائق الأخيرة منموسم 2004 – 2005. كوبر نفسه على أعتاب عامه الستين بحاجة إلى عملية بعث شخصي له إلى جانب الإسهام في بعث منتخب أفريقي تائه. أكل العيش السنوات العشر الأخيرة من حياة كوبر كانت من قبيل أكل العيش ، بروح مغموسة بالمغامرات غير المحسوبة مع كوارث إدارية في ناديي راسينج سانتاندير وريال وبتيس أو منتحب جورجيا.. كوبر شخص بالغ العملية فيما يتعلق بتعاقداته، دون أن ينسى أنه يفضل أن يكون هائماً على وجهه في مغامرات غريبة الطابع كبطليه المفضلين لأفلام الويسترن، جون واين وجاري كوبر.. تماماً مثل مغامرته المصرية الأخيرة، والتي تبدو سباحة من نوع آخر من العبث.. ميول العند لدي كوبر، تدريباته البدنية القاسية، فلسفة الحذر الدفاعي التي طالما وثق بها، برودته في التعامل مع الإعلام، كلها لا تبدو متوافقة مع عبث مصري نجح في تفطيس أكبر كارثتي ملاعب خلال الـ 15 سنة الماضية.. من ناحية أخرى يبدو ذلك العبث هو المناسب لشخص مثل كوبر، ليس بحاجة إلى نجوم، ليس بحاجة إلى إمكانات تقليدية عملاقة.. عقلية برجماتية ، لا تعبأ كثيراً بالصخب من حولها، إنها حالة مخالفة تماماً للحالة الإدارية المصرية في صورتها التقليدية، التي عجزت عن إنتاج رواية رسمية واحدة لكارثتين كرويتين، والتي تشكك في قدرات برادلي الذي بإمكانات صفرية فاز في كل مباريات مجموعته في تصفيات المونديال. إنه (كوبر) لم يغير فلسفته حتى في ظل إخفاقاته الاحترافية المتواصلة في السنوات العشر الأخيرة.. قسوة ما يزال يلوم نفسه على التنازل عنها عندما كان مدرباً لفريق أوراكان في منتصف التسعينات، بعد تركه له عقب تعاقب الأزمات المالية والإدارية على النادي. وقتها أدرك أن العند أمر مطلوب حتى أثناء التواجد في أكثر المناطق وعورة. الـCV الخاص به ربما لا يحمل كلمة واحدة عن كونه واحدا من أهم عناصر فيرروكاريل، المتوج بالدوري الأرجنتيني، ولكنها ربما التجربة الأكثر أهمية التي قد تعطي كوبر بصيصاً من الأمل لصنع بعث جديد وسط العبث في نسخته المصرية. ----------------------------------------- يمكنكم القول بأني شخصية فاشلة ، بأني لم أفز كمدرب بأي لقب ، دوماً أخسر في المواجهات الحاسمة ، رغم وابل الانتقادات المبرحة التي تمطروني بها فأنا فعلاً شخص سعيد ، الزمن وحده كفيل بوضع كل شخص في مكانه الذي يستحقه. *حوار مع كوبر عام 2010