×
محافظة المنطقة الشرقية

«مجمع الدمام» يُفعِّل الأسبوع الخليجي لصحة الفم

صورة الخبر

في كل مراحلها، كانت الدولة تخضع لمؤسسات استبداد طغيانية، تقوى وتشتد بين الحين والآخر، حيث يجرى تداول الهيمنة أو تداورها بين هذه المؤسسة أو تلك، أو حتى بين هذه الشخصية أو تلك من شخوص النظام، ليس شرطاً أن تكون الأولى أو الأعلى مرتبة، فقد اتضح الآن، وفي ضوء تجربة مروحة واسعة من مؤسسات النظام العربي، أن الاستبداد والطغيان ليسا سمة واحد أحادي من الأنظمة، على اختلافها، بل إن كل الأنظمة تمتلك هذه النسبة أو تلك من الاستبداد، وطغيان هذا النمط أو ذاك من التغول والهيمنة، ليس على النظام، بل وعلى المجتمع بالكامل. السياسة وقد كانت صنيعة المجتمعات البشرية منذ فجر الخليقة، لطالما جرى التلاعب بها، إقصاء واستبعاداً لذوي المصلحة في استتبابها واستقرارها في أنماط التعاملات اليومية والاستراتيجية. وهم هنا مجموع الناس الذين لا يملكون إلا رؤية مصالحهم وتطلعاتهم التي من المفترض أن تتحقق على أيدي الذين يملكون زمام السلطة، وإلا ففي فقدانها فقدان للأمن والاستقرار، ما يجعل الاضطراب المقدمة الأولى للفوضى، أو للانتظام في حركة شعبية تروم التغيير والثورة. اليوم تواجه السياسة واحدة من أعتى الهجمات القاتلة، ليس من طرف واحد، ولكن من أطراف عدة، تحاول إخضاعها والهيمنة عليها، بهدف إقصاء الآخر، كل آخر قريباً كان أو بعيداً، من عالم المجتمعات والدول، بل محاولة إفناء ذاك الآخر، قتلاً وسحلاً، والتفنن في إعدام حياته، وفي ذلك قمة الإجرام والتعدي على كامل الحقوق الطبيعية لبني البشر. أخطر الهجمات التي تعتمد أساليب عدمية، تلك التي تتمنطق بها السلطة الحاكمة، لتهيمن على السياسة، وتصادرها باسم الدين، وطغيان ظاهرة العنف، وعسكرة أيديولوجيا «المجاهدة» والحرب الدائمة ضد مجتمع الإنسان، في تكويناته المجتمعية والدولتية، وعلى نطاق العالم، القريب والبعيد، حيث الفوضى الشاملة، والعنف الأعمى، والقتل على الهوية، عبر ما نراه مجسداً اليوم في ترذيلها تارة، وتقديسها تارة، واللعب بها أنّى شاء لها هوى الخبل الجنوني لجهاديي عصر انحطاط يتجدد، على وقع انحطاط السياسة، والشخوص الذين يقودونها إلى النحر. وهكذا من حفلات الجزر والسحق والسحل وتعميم ثقافة العنف الانتحاري، يمضي «دواعش» عصرنا، من هم في السلطة، ومن هم خارجها، ومن كل المذاهب، إلى ارتكاب المزيد من المجازر، وصولاً إلى حرق الكتب ومنع تدريس العلوم في الجامعات، بل وتحويلها إلى كتاتيب لا تلقن التلاميذ سوى ما تيسر، وما لا يتيسر من «أمور العنف» الأيديولوجي الديني، وشرائع غاب التوحش، وتدمير التراث الحضاري والفكري والفلسفي لشعوبنا، وهو السلوك الذي أضحى يتميز «إسلامويو» عصرنا، بمن فيهم «الدواعش»، عن «إسلامويي» الزمن الغابر، في لحظة فارقة من تاريخ لم يعد يسجل سوى لعنف يضاد الدولة المدنية ويعاديها، ويعادي معها الإنسان وكل تقاليد وإرث السياسة، والثقافة والعلوم والفلسفات التي أنتجتها تجارب وخبرات وعقول البشر الأسوياء.