×
محافظة المنطقة الشرقية

بدء اجتماعات المندوبين الدائمين وكبار المسئولين لتحضير الملف السياسي للقمة العربية

صورة الخبر

تفاوتت صورة الأب والأم في الرواية العربية والعالمية. مرة الأب هو الظالم القاسي، ومرة هو الحنون المحب، ومرة هو الذي لا وجود له في المنزل. والأم رائعة غالبا، لكنها قاسية أحيانا، أو جافة. وبعدما أصبح البلجيكي جورج سيمنون أشهر كاتب بوليسي بالفرنسية، وضع كتابا صغيرا بعنوان «رسالة إلى أمي» يعاتبها فيها بأن العالم أجمَعَ على تقديره، إلاَّ هي. فكانت إذا دخلت أحد بيوته سألت إن كان قد اشتراها حقا بأمواله. الصورة الاجتماعية في الرواية والأدب، كانت للجد، أو للجدّة. وقال الشاعر البريطاني أودن، إن صورة الجدّة حافظت على المحبة والاحترام عبر قرون الأدب. ونرى الانبهار بصوتها وحضورها عند كبير رواة فرنسا، مارسيل بروست. وفي الرواية المصرية والفيلم المصري، يبدو الجد والجدّة موقَّرين على الدوام، يحفظان بيت الابن، أو الابنة، ويساعدان في إبعاد أولاد الحرام عن العائلة. سواء كانت الجدّة كوميدية مضحكة مثل زينات صدقي، أم دائمة الكآبة مثل أمينة رزق، فإن صورتها المحبة واحدة. ولم يكن نجم الأفلام هو الشاب الوسيم وحده، أو الفتى الأول، أو المجرم الأول مثل محمود المليجي، أو المضحك المذهل مثل عبد المنعم مدبولي، بل كان يتقدم هؤلاء جميعا الجد الطيب حسين رياض، أو عبد الوارث عسر. خلت الأفلام والمسلسلات الحديثة من صورة الجد والجدّة، اللذين يسميهما الفلسطينيون ستي وسيدي. ونحن في لبنان نقول أيضا «ستي» لكن ليتنا نقول سيدي أيضا. فلم أعرف في العائلة من يستحق هذه المناداة. تعلمنا منه التواضع وغض الطرف والمحبة. وكان يقول دائما إذا سبقك أحد بالتحية فلا معنى لتحيتك. السبق الحقيقي هو سبق الرحابة، والضيق بالآخر علَّة. ومثل أفلام حسين رياض وعبد الوارث عسر، كان همه إزالة أسباب الشجار والزعل. وكان يقول إذا نام الزعل معنا ليلة واحدة، تحوَّل إلى غرسة حزن. وعندما كبرنا واستعدنا أيامه، خُيِّل إلينا أنه كان من طينة صعبة التكرار. وكان الروسي تورغينيف يقول: إننا نولد أخلافا تقلل من أهمية أسلافنا، ثم لا نلبث أن نصبح أسلافا بدورنا. غير أننا لم نشعر حيال «أسيادنا» إلا بالمحبة الكبرى والحنين إلى رقَّتهم. وأكثر ما يذكّرني بجيلهم الطيب «الرجل العجوز والبحر» في رواية همنغواي. الصياد الذي صارع الحوت باسما ومتواضعا ورافضا الاستسلام إلى اليأس. ذلك هو الجيل الذي لم يتوقف عن العمل، أو يبخل في الصفح. وكان جدّي إذا تخاصم أبناؤه مع أحد، أيّد خصمهم، فإذا عوتب قال: «لدي كل الوقت للوقوف معكم».