وثيقة (رؤية ماليزيا) التي طرحها رئيس وزرائها الشهير في ذلك الحين مهاتير محمد، تضمنت تسعة تحديات وطنية. وكان التحدي السادس الذي احتوته الوثيقة ينص على إقامة مجتمع معرفي قادر على الإبداع والابتكار على أنقاض مجتمع مستهلك للعلوم والتكنولوجيا. ورغم كل ما حققته ماليزيا من تقدم اقتصادي، إلا أنها لم تقتنع بذلك بعدما أدركت قيادتها آنذاك بأنها تابع صغير يقوم على التكنولوجيا المستوردة، وتنفيذ المهام الموكلة لها من ِقبل الشركات العابرة للقارات، ورغم ما كان يعود على الدولة من قيم اقتصادية كبيرة جراء ذلك، إلا أن النصيب الأكبر كانت تستأثر به الشركات الكبرى التي تمتلك حقوق الاختراع والتكنولوجيا، فيما أصبح قطاع الصناعة مجرد متعهد محلي، أو مقاول صناعي يقوم بالتجميع وتنفيذ التصاميم الصناعية بأجور رخيصة ومن ثم إعادة تصديرها. هنا تدخلت الدولة ولكن من بوابة التربية والتعليم هذه المرة، وشرعت بإجراء تعديلات جوهرية في نظامها التعليمي، فقامت بإدخال كل من مادتي الاختراعات والتكنولوجيا في صلب مدارسها الثانوية، وتم إضافة الطابع التقني على مناهج التعليم على حساب الطابع النظري مما ساهم في تحويل تلك المدارس إلى مؤسسات تقنية يطلق عليها «المدارس الذكية». في المدارس السعودية ورغم شعارات المجتمع المعرفي فإن أضعف المناهج وأضعف النتائج هي في مادتي الرياضيات والعلوم ومع ذلك لنا «وجه» نتحدث عن التعليم ومجتمع المعرفة ويتحدث اقتصاديونا عن الاقتصاد المعرفي عندما يرتقون على منصات المؤتمرات بملء فيهم ولم يتبق سوى أن يقولوا لنا بأننا على وشك مزاحمة الصين واليابان وكوريا في هذا المجال.. بل إنهم قالوا ذلك رسميا (مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية) وجاء فيه أننا تفوقنا على الصين وكوريا الجنوبية وأمريكا في مجال الأبحاث وهم يعلمون بأن هذه أبحاث مجردة لا تقع في سياق التعليم وتطوراته، وليس لها تطبيقات أرضيه على واقع حياتنا..