شهد العالم أمس كسوفاً كلياً للشمس، لكنّ كثراً من سكان النصف الشمالي للكرة الأرضية حرموا من مشاهدته بوضوح بسبب الأحوال الجوية غير المواتية. ولم ير سوى بعض المحظوظين في أرخبيل منعزل في القطب الشمالي وآخرون كانوا في طائرة هذه الظاهرة بوضوح. وخابت آمال الكثيرين ممن كانوا يأملون بالتفرج على القمر وهو يكسف جزئياً الشمس بسبب سوء الأحوال الجوية. وكان من المرتقب معاينة هذا الكسوف في أوروبا وشمال غربي أفريقيا وآسيا ومنطقة الشرق الأوسط، لكن الغيوم، وليس القمر، حجبت الشمس عن الأنظار في غالبية الحالات. وأثارت هذه الظاهرة الفلكية حماسة على مواقع التواصل الاجتماعي. وكتب أحد مستخدمي «تويتر» في فرنسا: «كسوف بين غيمتين، ثم كسوف آخر». وفي لندن أمكنت مشاهدة الكسوف بنسبة 84 في المئة، وتجمع المئات في حديقة «ريجنتس بارك». وحمل بعضهم تلسكوبات متطورة، في حين حمل بعضهم الآخر أدوات بسيطة يدوية الصنع. لكن الأحوال الجوية السيئة عكرت الفرحة في العاصمة البريطانية وفي فرنسا أيضاً حيث لم تتسنّ رؤية الكسوف إلا في شمال شرقي البلاد. وكان آخرون أوفر حظاً، اذ ركبوا طائرات حلقت فوق الغيوم للسماح لركابها بالتفرج على «الشمس السوداء». ودفع هؤلاء مئات الدولارات ثمن التذاكر للاستمتاع برؤية هذه الظاهرة. وللمرة العاشرة منذ بداية القرن الحادي والعشرين، كان كسوف الشمس كاملاً لكنه لم يعاين بوضوح إلا في بعض المناطق النائية جداً، مثل جزر فارو الدنماركية الواقعة شمال بريطانيا وأرخبيل سفالبارد النروجي في القطب الشمالي. وتجمع مطاردو الكسوف بالآلاف في هذه المناطق. وتمكن الزوار والسكان من رؤية الشمس تحجب خلف القمر بالكامل لمدة دقيقتين ونصف الدقيقة، علماً أن الحرارة في الخارج كانت تتدنى إلى 18 درجة مئوية دون الصفر. وفي الشرق الأوسط، تجمّع سياح ومواطنون مصريون عند الهرم الأكبر في الجيزة لمشاهدة الكسوف الذي بدا جزئياً من مكان كان المصريون القدماء يعبدون فيه الشمس. وقال أستاذ الفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء علاء إبراهيم إن الشمس كانت مقدّسة في الحضارة المصرية القديمة. وفي أماكن عدة في مصر يمكننا رؤية تعامد الشمس على المعابد، ما يثبت وجود رابط مهم للغاية بين الشمس والحضارة المصرية. وأضاف: أردنا أن نستعيد هذا التراث بأتاحة الفرصة للناس وللسياح الذين يزورون مصر لفهم كيف يحدث الكسوف ومشاهدته في مكان رائع مثل هذا المكان. ويحصل الكسوف الكامل عندما يمر القمر بين الأرض والشمس في وقت تكون الكواكب الثلاثة مصطفة في خط مستقيم. ومع ان الشمس أكبر 400 مرة من القمر إلا أنها 400 مرة أبعد منه. ويمكن بالتالي للقمر أن يحجب الشمس كلياً عن الناس الذي يقفون في الظل الذي تعكسه على سطح الأرض. وتزامن الكسوف مع الظاهرة المعروفة بالاعتدال الربيعي عندما تنتقل الشمس من النصف الجنوبي إلى النصف الشمالي للأرض من جهة، وأيضاً مع الظاهرة المعروفة بـ «القمر العملاق» عندما يكون القمر على أقرب مسافة له من الأرض، من جهة أخرى. ومن المتوقع أن يحصل الكسوف الكامل التالي للشمس في 12 آب (أغسطس) 2026 في أوروبا.