سارع التلفزيون السوري إلى نشر تصريحات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، التي لوح فيها إلى ضرورة التفاوض مع بشار الأسد، في خطوة أثارت تساؤلات عن تقارب محتمل بين الجانبين. وتشير تصريحات كيري إلى أن واشنطن تعمل من وراء ستار على إبرام اتفاق مع دمشق، ولو بطريقة غير مباشرة، على غرار تسوية الكيماوي التي جنبت سوريا ضربة أميركية قبل نحو عامين. وحرص الوزير الأميركي على انتقاء كلمات ملتبسة، لا تشير بوضوح إلى تغيير جذري في موقف واشنطن إزاء الأسد، في خطوة ربما تهدف إلى إبقاء الباب مواربا، حتى تتضح معالم الصفقة مع طهران. فكيري أطلق تصريحاته من شرم الشيخ في مصر قبل أن يتوجه إلى سويسرا، حيث سيلتقي نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف، لبدء جولة حاسمة من المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني. وبما أن الملف النووي الإيراني بات أكثر ارتباطا بملف الأزمة السورية، إثر هيمنة طهران على القرار بدمشق، تسعى واشنطن إلى وضع صفقة مستقبل الأسد- نووي إيران في سلة واحدة، دون الرجوع إلى حلفائها. فواشنطن، التي ضربت في 2013 بعرض الحائط المطالب الواسعة بتوجيه ضربة لدمشق، إثر اتهام القوات السورية باستخدام الكيماوي، لن تأبه على الأرجح، كما يرى مراقبون، لأي اعتراضات أوروبية بشأن موقفها الجديد إزاء الأسد. فرغم أن معظم الدول الغربية، وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا، كانت تطلب توجيه ضربة إلى دمشق، ردا على مزاعم استخدام الغاز السام ضد المدنيين، أبرمت واشنطن صفقة مع سوريا برعاية روسية، جنبت نظام بشار الأسد أي ضربة جوية. وبعد عامين، يبدو أن الولايات المتحدة، التي تعطي الأولوية لمحاربة تنظيم الدولة، ستمضي قدما في خططها للتفاوض مع الأسد، في إطار صفقة بين واشنطن وطهران، مما يعني أن الكلمة الفصل في تلك الحال ستكون أميركية. ولكن وزارة الخارجية الأميركية لجأت، بعد تصريحات كيري، إلى إرسال إشارات تبدو في سياق مناقض، وذلك من منطلق حرصها على مراعاة حلفائها الذي يصرون أن الأسد فقد الشرعية، وبغية عدم حرق كافة أوراقها في المفاوضات مع طهران. فالمتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماري هارف، نفت أن يكون تصريح كيري يمثل تغييرا في السياسة الأميركية المتعلقة بسوريا، وقالت سياستنا لا تزال على حالها وهي واضحة: لا مستقبل للأسد في سوريا ونحن نقول هذا الكلام دوما.