أحد الإخوة من جنسية أتحفظ عن ذكرها، سمعته يقول: إني لأعجب كثيرا من ميزانية بلادي وكيف تدير حكومتنا شؤونها، أهو التخطيط السليم وحنكة الاقتصاديين كما يقولون، أم أن الأمور تسير بأسلوب لا يعلمه إلا الله؟! قال هذا بعد إعلان ميزانية وزارة التربية والتعليم السعودية، التي أكد أنها تعادل أربعة أضعاف ميزانية وطنه المتواضعة، حينئذٍ دار في ذهني شريط كان وليد هذه المقارنة الغريبة ، نعم فالميزانية التي خصصت لقطاع التعليم هي 217 مليار ريال، هذا القطاع الذي يجد من ولاة الأمر -أيدهم الله- كل الدعم والاهتمام، ولكن هل تأتي المخرجات مساوية لهذه الميزانية الضخمة ؟! لا أظن أن هذا صحيح، بمعنى أننا لم نرَ مخرجات تتناسب مع هذا العطاء السخي، فالميزانية فعلا سخية بكل المقاييس، ولكن ينتظر أن تُحلِّق بالتعليم في أجواء وآفاق أرحب، فقد تضمنت مشروعات جديدة وإضافات للمشروعات القائمة وصيانة للمجمعات التعليمية والمدارس بنوعيها .هذا وقد شيدت 356 مدرسة جديدة بمختلف المناطق، وتم تأهيل ما يصل إلى 500 مبنى، إننا ندرك تماما أن تلك المشروعات تقوم الآن على قدم وساق، فبعضها في مرحلة التنفيذ وأخرى في مراحل التسليم، فهذه إنجازات قيمة تستوعبها هذه الميزانية الكبيرة، فهل يمكننا اعتبار تلك المشروعات محطات انطلاق للتطوير والتغيير في قطاع التعليم؟ أعتقد أن ما يحدث من أعمال لا يخفى على أحد، ولكنها لا تُمثِّل إسهاما في ترقية الأداء وتجويد الخدمات التعليمية، بقدر ما هي توسيع لقاعدة التربية والتعليم بوضعها الحالي، أقول بوضعها الحالي وأنا أرى صغيرا يحمل حقيبة تزن ما يقارب وزنه، وتعج بمناهج لم تطلها يد التحديث رغم ما يصرف على مطبوعاتها من ملايين الريالات، أما كان الأولى أن تفيض ميزانية الخير لتعميم ما يُسمَّى بالتعليم الإلكتروني الذي يواكب العصر ويتزامن مع الطفرة الكبرى التي تشهدها هذه الأجيال ؟.. وتحضرني خاطرة استغربتها كثيرا وأنا أشاهد إحدى قريباتنا التي تعمل مديرة لمدرسة نُقلت إليها حديثًا، وفوجئت بأثاثات مكتبها المتهالكة مما جعلها تشتري أثاثا جديدا من مالها الخاص، يحدث ذلك في بلد يُقدِّم للتعليم كل غالٍ ونفيس، فاذا قورنت النتائج بمخصصات ميزانية التعليم نتأكد أن تعليمنا ما زال متأخرًا عن الركب، وتلزمه وقفة إصلاح فورية ترقى به إلى أرفع درجات التقدم ، فبفضل الله وعونه لا ينقصنا شيء لتحقيق تلك الغاية، لأننا قادرون على التحدي والتألق، ونستحق أن ننافس من سبقونا بل ونتفوق عليهم. sbt@altayar.info