خلص المؤتمر الاقتصادي في منتجع شرم الشيخ أمس، إلى مساندة عربية ودولية واسعة لمصر، خصوصاً من السعودية والإمارات والكويت التي جددت الالتزام بدعمها على مختلف المستويات. وتعهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تقديم «نموذج» يعزز الاستقرار الإقليمي، فيما شدد وزير الخارجية الأميركي جون كيري على أهمية القاهرة لاستقرار المنطقة ونموها. (للمزيد) وأعلنت السعودية والإمارات والكويت حزمة مالية قيمتها 12 بليون دولار لمصر (4 بلايين من كل دولة)، موزعة بين ودائع في البنك المركزي واستثمارات ومساعدات، فيما أعلنت سلطنة عُمان حزمة دعم بنصف بليون دولار، نصفها منحة لدعم السيولة النقدية ونصفها استثمارات. وشدد السيسي في افتتاح المؤتمر الذي ينتهي غداً، على أن بلاده «تسير بخطى واثقة على كل المسارات والأصعدة لتحقيق النمو الاقتصادي وتقدم نموذجاً للحضارة العربية والإسلامية بدولة تنبذ العنف والإرهاب والتطرف، وتعزز الاستقرار الإقليمي، تحترم جوارها، وتدافع ولا تعتدي، وتقبل الآخر وتحترم التنوع». وأكد أن «الشعب المصري متطلع إلى تعزيز الشراكة مع الدول الشقيقة والصديقة... وسنعمل على الوصول بالأحلام إلى واقع ملموس بمعاونة شركائنا العرب والدوليين». وأعلن استراتيجية بلاده للتنمية حتى العام 2030 بهدف «بناء مجتمع حديث وديموقراطي»، متعهداً «الالتزام الكامل بتطبيق السياسات الهادفة لفتح مجالات الاستثمار». ودعا «كل الشركاء والأصدقاء والمؤسسات الباحثة عن فرص الاستثمار إلى التعرف من قرب إلى المناخ الجاذب للاستثمار في مصر واستغلال الموقع الجغرافي وشبكة العلاقات العربية والأفريقية». وكان الحضور العربي والدولي لافتاً، إذ شارك ولي العهد السعودي الأمير مقرن بن عبدالعزيز وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والبحريني الملك حمد بن عيسى ونائب رئيس الإمارات الشيخ محمد بن راشد، إضافة إلى رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي ووزيري الخارجية الأميركي جون كيري والبريطاني فيليب هاموند. وشدد أمير الكويت في كلمته على «دعم بلادي اللامحدود للأشقاء في مصر، لنمو اقتصادهم وتحقيق المعدلات المنشودة وخلق الفرص الاستثمارية الواعدة». وأعلن «توجيه الأجهزة الاستثمارية في دولة الكويت 4 بلايين دولار لاستثمارها في قطاعات الاقتصاد المصري المختلفة ومن خلال الأدوات الاستثمارية المتنوعة». ونوّه بـ «تحسن بيئة الاستثمار والجهود الكبيرة التي يبذلها الأشقاء في مصر، والتي نأمل بأن تستمر لتحقق النجاح المنشود». وقال إن «الإصلاحات الجارية في مصر إيجابية وتبعث على التفاؤل»، لافتاً إلى «المستقبل الواعد لمصر، وهو ما تعيه الكويت». وأعلن ولي العهد السعودي في كلمته حزمة ودائع ومساعدات واستثمارات بقيمة 4 بلايين دولار. وأوضح أن الحزمة «منها بليونان من الدولارات وديعة في البنك المركزي المصري، والبقية ستوزع في شكل مساعدات تنموية من خلال الصندوق السعودي للتنمية، وتمويل وضمان صادرات سعودية لمصر». وشدد على أن السعودية «تؤكد موقفها الثابت مع مصر وشعبها لتثبيت الأمن والاستقرار ووضع الاقتصاد على مسار التعافي والازدهار». ودعا المجتمع الدولي إلى «عدم ازدواج المعايير، والفهم الدقيق لما يجري من أحداث، ودعم جهود الحكومة المصرية لتثبيت الاستقرار، ودعم جهود التنمية»، لافتاً إلى ارتياح المملكة إلى «التقدم في تنفيذ خريطة الطريق السياسية، وتنفيذ الحكومة المصرية عدداً من الإصلاحات الاقتصادية الطموحة على رغم صعوبة المرحلة الانتقالية. ونؤكد أهمية الاستمرار في ذلك تعزيزاً للثقة». وقال إن «المملكة باقتراحها ودعوتها المبكرة من الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله – إلى هذا المؤتمر، وبمشاركتها الفاعلة لمصر بالإعداد والترتيب مع دولة الإمارات العربية المتحدة، تؤكد ما توليه من اهتمام على مدى تاريخ علاقاتها باستقرار مصر وازدهارها والحرص على تعزيز العلاقات معها وتقويتها والنأي بها عما يعكر صفوها». وأضاف: «أثبتت الأحداث على مدى تاريخ علاقاتنا رسوخها، وأنها سرعان ما تتغلب على ما يكدر صفوها بحكمة قيادتي البلدين، والفاعلين على المستويين الرسمي والخاص». وبالمثل، أعلن نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تقديم بلاده 4 بلايين دولار دعماً إضافياً لمصر، بحيث يتم إيداع بليوني دولار في المصرف المركزي المصري، وبليوني دولار لتنشيط الاقتصاد عبر مجموعة من المبادرات، مؤكداً أن بلاده «ستبقى دائماً إلى جانب مصر، وأن وقوفنا مع مصر ليس كرهاً في أحد ولكن حباً في شعبها... لا وجود للأمة العربية من دون مصر، ولا يمكن مصر أن تستغني عن أمتها العربية». وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري: «نود أن نبني ونتقدم، وهذا ما يعنيه مؤتمر شرم الشيخ. لا توجد فلسفة سياسية ولا دين يبرر هذه الفوضى التي يثيرها المتطرفون بقتل الأبرياء». وأكد التزام الإدارة الأميركية «تجاه الأمن والسلام الذي يستحقه الشعب المصري»، متعهداً «الدعم الكامل لمصر في الفترة المقبلة». وأشاد بتنفيذ السيسي إصلاحات «جريئة» لاستعادة ثقة المستثمرين وتحفيز الاقتصاد، متعهداً «دعم التقدم الاقتصادي لمصر بكل ما في وسعنا» لضمان تحقيق نمو مستدام وجذب الاستثمارات. لكنه نبه إلى ضرورة أن يستفيد كل المصريين من تنامي الرخاء لا أن يقتصر على قلة محدودة. وقال: «سنعمل معكم لتحقيق الأهداف الطموحة التي عرضتموها... ما من شك في أن ظهور مصر قوية ومزدهرة وديموقراطية أمر حيوي بالنسبة إلى قوة المنطقة وازدهارها». ومن بعده، قال رئيس الوزراء الإيطالي: «نعلم أن هناك مشاكل كثيرة، بما فيها التهديد المتضخم الذي يمثله الإرهاب، لكننا على ثقة بأن مصر تواجه تحدياً هو تحدٍ لنا أيضاً، فحربكم حربنا واستقراركم استقرار لا لمصر وإيطاليا فقط، ولكن للعالم أجمع». وأكد «التزام إيطاليا شعباً وحكومة بدعم مصر وموقفها في ليبيا، فالإرهاب مؤلم لكل الأطراف، وهذه حرب بين عالم متحضر وبعض المتطرفين».