يحكي Moris Naim في كتابه The End of Power، أن القوة قد تغير تعريفها من حجم الأكبر إلى كفاءة الأصغر لثورات المعرفة والزيادة في المال والترابط الدولي والذي يقلل من تكاليف النقل، وتقوم هذه الأسباب بمجملها بزيادة قوة الأصغر من القوى لتسبق ما كان قبلها من قوى كبرى وبيروقراطية. فقد كان أن نجح Facebook ونجحت شركةApple Computers في حين يفشل العملاق IBM، ولكي نفهم ما يحدث فلننظر إلى الميكانيكية التي تآكلت بسببها القوى العظمى. كان تعريف القوة في الماضي يدور حول الحجم، واختلف علماء الإدارة في القرن المنصرم بين مدرسة ألمانية تشارك العمال في إدارة المؤسسات ومدرسة بريطانية تتبع الأسر التجارية ومدرسة أمريكية تفصل الإدارة عن الملكية وتعتمد على البيروقراطية وتزداد حجمًا يومًا بعد يوم. أرى أن الكفاءة هي سر النجاح أينما وجدت، ولكن حركتها أفضل مع الصغير من الكبير الذي كثيرًا ما يكبل فيها الإبداع ويطالب بالانصياع والاتباع. كما أرى أنه كلما زاد اتساع شبكة اصطياد الكفاءة كلما زاد عدد الكفاءات المصطادة للعمل، وزادت فرص الإبداع والاستمرار والنهوض، وتتسع الشبكة هذه بزيادة العدد في الطبقة الوسطى. وبناءً على هذا يرى المؤلف أن الشرق سيسبق الغرب في العقود المقبلة، إذ إن الطبقة الوسطى فيه تزداد عددًا وتتسارع أكثر من الغرب. ويعزو المؤلف أن أربعة أسباب وراء بزوغ الطبقة الوسطى في الدول التي كانت فقيرة، ومنها الزيادة في العلم وانخفاض تكاليف النقل والتنقل وسهولة الحصول على المعلومة والعقلية المتعلمة، ويقول: إن هذا بحد ذاته سيسبب التغير على التدليل على القوة بالحجم الى دلالات أخرى، وأرى أن العقل والكفاءة وما يشجعهما سيحلان محل الحجم. فالقوة هي المقدرة على التأثير على الغير ليفعلوا ما يريده المسيطر مما لم يكونوا ليفعلوه بلاه، وتأتي على عدة أشكال منها الضغط والعقاب ومنها استعمال التقاليد والعرف ومنها التفاهم ومنها المكافأة. أرى أن مع توسع دائرة الحرية وما يصاحبها من عقليات حرة سيحل التفاهم فيها محل سواه من مؤشرات للقوة، وستغادر القوة الأكبر للأصغر والأكثر مرونة وكفاءة. وقد يقول البعض: إن بوسع الأكبر أن يشتري العقول، لكني أرجح أن بيئة الأصغر أكثر قدرة على استيعاب القدرات من الأكبر صعب التحرك والذي يطالب بالاتباع والانصياع.