واشنطن: محمد علي صالح بينما أعادت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون إلى وزارة الخارجية 55 ألف وثيقة حكومية، هناك توقعات بأنها احتفظت بـ50 ألف وثيقة من رسائلها الإلكترونية الخاصة، وذلك مع تفاقم فضيحة الرسائل الإلكترونية الخاصة بكلينتون خلال شغلها منصب وزيرة الخارجية، إذ اعتمدت على موقعها الخاص لإرسال الرسائل بدلا من الاعتماد على بريد إلكتروني حكومي. وبينما الزوبعة حول الرسائل الإلكترونية تشغل الأوساط السياسية والإعلامية الأميركية، ارتفعت دعوات قادة حزب الديمقراطي للبحث عن مرشح آخر لرئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة في 2016. وقال رئيس لجنة في الكونغرس الأميركي تري غودي الذي يحقق في الهجوم الذي وقع عام 2012 على القنصلية الأميركية في بنغازي قبل أمس إن «هناك ثغرات هائلة في رسائل البريد الإلكتروني التي قدمتها كلينتون إلى اللجنة عن الهجوم». وقال رئيس اللجنة، وهو نائب جمهوري، إن «اللجنة لم تحصل على توثيق لزيارة كلينتون إلى ليبيا بعد الهجوم رغم أن هناك صورة شهيرة لها تظهر فيها ممسكة بجهاز كومبيوتر محمول خلال الزيارة». وأكد غودي في مجلس النواب: «ليس لدينا رسائل بريد إلكتروني من ذلك اليوم، وهناك ثغرات هائلة». وتعتبر كلينتون على نطاق واسع في مقدمة السباق للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لخوض انتخابات الرئاسة العام المقبل، إلا أن فضيحة الرسائل الإلكترونية قد تخلق عائقا أمام طموحاتها. واستخدمت كلينتون حساب بريد خاصا لكل الأعمال الرسمية وهي في منصب وزيرة الخارجية في إدارة الرئيس باراك أوباما بين عامي 2009 و2013. ويدقق الجمهوريون في تصرفات كلينتون بشأن هجوم بنغازي الذي قتل فيه السفير كريس ستيفن و3 آخرون. وقال غودي إنه طلب من وزارة الخارجية الأميركية «جمع وثائق كلينتون خلال السنوات الأربع التي كانت وزيرة في الحكومة الأميركية»، وأعلن أنه سيستدعي كلينتون للشهادة أمام لجنته في مجلس النواب. وشارك الحاكم السابق لولاية فلوريدا جيب بوش، الطامح للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقبلة، أمس: «هذا شيء يدعو للاستغراب. لماذا فعلت ذلك؟ وهل فكرت قبل أن تفعله؟». وقالت أستاذة القانون في الجامعة الأميركية في واشنطن جنيفر لوليس أمس: «ليس هذا غريبا لمن تابع سنوات الرئيس كلينتون الثماني في البيت الأبيض، ومعه زوجته السيدة الأولى في ذلك الوقت». وأضافت لوليس: «رغم إنجازات كلينتون الداخلية والخارجية كان هناك جو من عدم الوضوح وعدم الثقة في معاملاتهما مع الناس، هو وزوجته. وكان هناك جو خوف من شيء ما، جو توقع انتقادات، والاستعداد للدفاع ضدها». وبدأت فضيحة وثائق كلينتون من قبل أسبوعين عندما كشف استخدام بريدها الإلكتروني الخاص لأغراض حكومية إبان عملها وزيرة للخارجية، في خرق واضح للقوانين السرية والوثائق الأميركية. في ذلك الوقت، كشفت مصادر في الخارجية الأميركية لصحيفة «نيويورك تايمز» أنه لم يكن لكلينتون بريد إلكتروني حكومي منذ عام 2009 إلى عام 2013. وبحسب قانون الوثائق الفيدرالية الأميركية يجب الاحتفاظ بجميع رسائل البريد الإلكتروني الرسمية، ويذكر أنه لا يقبل القانون النسخ الورقية من الرسائل الإلكترونية كوثائق رسمية. ورغم وجود استثناءات للمواد السرية، يجب أن تحتفظ الحكومة بالمستندات ورقيا حتى يطلع عليها الصحافيون ولجان الكونغرس والمؤرخون عندما يحين وقت عرضها للجمهور، ويكون ذلك عادة بعد ثلاثين عاما. وخلال الأسبوعين الماضيين وفر مساعدون يعملون مع كلينتون 55 ألف صفحة من رسائل البريد الإلكتروني، لكن يبدو أنها لا تشمل جميع الرسائل الرسمية التي أرسلتها. ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية تصريحات لمسؤولين عن هيئات رقابة حكومية، ومسؤولين سابقين في إدارة الوثائق والأرشيفات، قالوا فيها إن «استخدام كلينتون للبريد الشخصي لأغراض حكومية خرق خطير للقانون». وإن البريد الشخصي أكثر عرضة للاختراق من قبل القراصنة. ويذكر أن البيت الأبيض لم يهبّ للدفاع عن كلينتون، في ما يمكن أن تكون مرحلة جديدة من علاقتها المتأرجحة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، منذ أن نافسته في انتخابات رئاسة الجمهورية عام 2008. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست دون أن يدافع مباشرة عن كلينتون: «حسب معلوماتنا، لم يكن لوزيرة الخارجية السابقة حساب في وزارة الخارجية، واستعملت حسابا خاصا بها، حسب القانون الذي ينطبق على كل المراسلات الحكومية». وأضاف إرنست: «يمكن أن يحدث هذا بشرط أن تتحول كل محتويات هذه الحسابات الشخصية إلى قسم الأرشيف في كل وزارة أو مصلحة حكومية». وأكد إرنست أنه «منذ أول يوم في إدارة أوباما أرسلت أوامر واضحة ومحددة بأن كل من يعمل فيها يجب أن يستخدم الحساب الرسمي للجهة التي يعمل فيها، لكن إذا رأى مسؤول أن يستعمل حسابا خاصا فيجب أن تتحول محتوياته إلى قسم الأرشيف، كما ينص قانون الأرشيف والوثائق الأميركي». ومن جهة أخرى، رفضت كلينتون أن تتحدث عن الموضوع خلال لقاءات جماهيرية، غير أن نيك ميريل، المتحدث باسم حملتها الانتخابية، وزع بيانا جاء فيه أن استخدامها للبريد الإلكتروني الشخصي «يتسق مع نص القواعد وروحها». وأضاف البيان أن كلينتون «التزمت بنص وروح القواعد التي تجيز استخدام البريد الإلكتروني غير الحكومي، ما دام يجري حفظ السجلات ذات العلاقة ليتم تسليم السجلات للجهات المعنية». وبعد أسبوع من كشف الفضيحة كتبت كلينتون في حسابها على الموقع الإلكتروني «تويتر» أنها حريصة على اتباع القانون، وستبذل كل جهدها لتوفير كل الوثائق المطلوبة.