الرياض: ناصر الحقباني بعد مفاوضات صريحة ومعمقة بين الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي ووزير الخارجية الأميركي جون كيري في الرياض أمس، أكد الطرفان على تقارب المواقف في ما يخص الأوضاع في المنطقة وخاصة في ما يخص طموحات إيران النووية. وأكد الأمير سعود الفيصل أنه إذا كانت إيران تريد أن تكون جزءا من الحل، فعليها التخلي عن سياسة زعزعة الاستقرار في المنطقة والتدخل في شؤونها، معربا عن أمله «أن تستمع إيران للعقلاء وتترك التدخل في الشؤون العربية قبل أن يستفحل العداء}. وبدوره، أكد وزير الخارجية الأميركي أهمية جعل دول الخليج والمنطقة «أكثر أمانا من نشاطات إيران التي نعترض عليها جميعا»، لافتا إلى أن إيران دولة ترعى الإرهاب. وأوضح الأمير سعود الفيصل، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع كيري، في مطار القاعدة الجوية بالرياض أمس، أن الولايات المتحدة ستلتزم بالمفاوضات مع إيران، وستحول دون تطويرها للقنبلة الذرية، لافتا إلى أن «هذا هو غرض المجتمع الدولي جميعه، ولكن هذا لن يتم على حساب نسيان جميع الملفات الأخرى التي تقوم بها إيران، وهذا هو مصدر القلق الرئيسي والأساسي لمجلس التعاون الخليجي بشأن الطاقة الذرية والقنبلة الذرية». وأضاف «نحن قلقون بنفس القدر حول طبيعة أعمال وميول إيران في المنطقة، التي تعد من أهم عناصر زرع عدم الاستقرار في المنطقة، وأن تدخل إيران في سوريا، ولبنان، واليمن، والعراق والله أعلم في أي منطقة أخرى.. هذه التصرفات يجب أن تتوقف إذا ما أرادت إيران أن تكون جزءا من الحل في المنطقة لا جزءا من المشكلة». وقال كيري عقب اجتماعات مع خادم الحرمين الشريفين، بالاضافة الى لقاء وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي: «حتى ونحن نخوض هذه المناقشات مع ايران بشأن برنامجها النووي فلن نغفل عن تحركات أخرى لايران تزعزع الاستقرار في مناطق مثل سوريا ولبنان والعراق وشبه الجزيرة العربية وخاصة اليمن». وأضاف: «جعل دول الخليج أكثر أمانا وتوفير مزيد من الامن لا يبدأ فقط بالتصدي لانشطة ايرانية أخرى نعارضها جميعا لكنه يبدأ من منعهم (الايرانيين) من امتلاك سلاح نووي». وأضاف «لذا فالخطوة الاولى هي التيقن من انهم لا يملكون سلاحا نوويا. لكن لا شيء اخر يتغير في اليوم التالي بشأن احترام التزامنا المشترك بالوقوف ضد أي نوع من التدخل او انتهاك القانون الدولي او دعم الارهاب. ولا تزال ايران دولة توصف بأنها داعمة للارهاب». وبين كيري «أن شيئا لم يتغير فيما يتعلق بالتزامنا المشترك أن نقف في وجه أي نوع من التدخل في شؤون الآخر أو انتهاك للقانون الدولي أو دعم للإرهاب}، لافتا إلى أن {إيران ترعى الإرهاب، لذا فإن الجهود ستستمر من أجل ذلك». ودعا وزير الخارجية الأميركي، دول مجلس التعاون الخليجي إلى الحضور لواشنطن خلال الشهرين القادمين للاستمرار في مراجعة جهود التعاون والاجراءات التي يمكن أن تتخذ في مجال الأمن والتعاون. وأكدت مصادر من الخارجية الأميركية لـ{الشرق الأوسط» ان «الدعوة ضمن إطار مشاوراتنا المتواصلة مع حلفائنا». وفي سؤال لـ{الشرق الأوسط» عن الدور الخليجي في اليمن في ظل تعنت الحوثي بمساندة إيرانية، قال الأمير الفيصل «دول الخليج بادرت باتخاد اجراءاتها، وهي تعمل على التأكيد على الشرعية، وبالتالي كنا سعداء بوصول الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور إلى عدن، والسعودية عبرت عن تأييدها لذلك، وكان هناك الدكتور عبد اللطيف الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، وكذلك سفراء دول المجلس». وأضاف: «كما تعلمون أن الرئيس هادي اقترح نقل الحوار، إلى الخارج ونحن ندعم ذلك». وبدوره، ذكر وزير الخارجية الأميركي أن الولايات المتحدة ودول الخليج، تدرك أهمية أن تنسق جميع الأطراف السياسية باليمن فيما بينها لا سيما الحوثيين، وأن يتفقوا على حل سلمي توافقي على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات الحوار الوطني. وفي ما يخص التدخل الإيراني في المنطقة، أشار وزير الخارجية السعودي إلى الوضع في مدينة تكريت العراقية، قائلا: «هو مثال جيد لما نحن قلقون بشأنه، والعراق يعيش حاله من عدم الاستقرار، اضافة إلى الطائفية والفرقة، وهي طائفية لم تكن قائمة قبل استيلاء إيران على العراق». فيما أكد نظيره الأميركي، أن الجنرال الإيراني قاسم سليماني، له دور بما يجري في العراق. ونفى كيري أن يكون هناك تنسيق أميركي مع الإيرانيين في العراق. وأضاف أن الأميركيين حصلوا على تأكيدات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بأن ما يجري في تكريت هو عملية أمنية عراقية خالصة. وذكر الفيصل أن «إيران وهي تقوم بما تقوم به، وهي جارة ونحن لا نضمر لها أي عداء، ولكنها بإجراءاتها تضع نفسها ضد المصلحة العربية، فتنتج الارهاب وتحتل الإراضي، ونحن نتمنى قبل أن يستكنوا العداء، أن يستمعوا لصوت عقلائهم، وترك تدخلاتهم في الشؤون العربية». فيما قال وزير الخارجية الأميركي في كلمة له، إن نتائج مفاوضات الملف النووي التي أشار إليها الأمير سعود الفيصل، ستعالج الكثير من القضايا وستخفف من حدة التوتر والعقبات أمام الأمن الإقليمي، وسيخفف الضغط في السباق للتسلح النووي، وسيعزز من نظام عدم انتشار الأسلحة النووية، كما سيعزز فرص السلام هنا وفي أماكن أخرى، مشيرًا إلى أن سبب الزيارة إطلاع شركائهم في دول الخليج على آخر التطورات منذ أن بدأت المفاوضات.وأضاف «سنتخذ إجراءات لضمان عدم امتلاك إيران للسلاح النووي لا سيما وهو مكون مهم للسلام في المنطقة وفي العالم، ونحن نسعى إلى أن نظهر برنامج إيران سلمي بحت، وأنه بامكانهم حجب وغلق جميع المسارات اللازمة لكي تحصل على سلاح نووي وبعد ذلك أن تتحول إلى إنتاج السلاح النووي». وأشار كيري إلى أن الولايات المتحدة ستبقى ملتزمة بمعالجة القضايا العالقة مع إيران، بما في ذلك دعمها للإرهاب، وقال «جرى تحقيق بعض النجاحات مع وجود بعض الفجوات الجدية التي يجب حلها، ونحن لا نعلم حتى الآن متى ما سنتوصل إلى هذا الغرض، وأن الولايات المتحدة ستبقى ملتزمة تماماً بمعالجة جميع القضايا العالقة مع إيران الداعية إلى عدم الاستقرار في المنطقة مثل سوريا واليمن على الوجه الخصوص، بما في ذلك دعمها للإرهاب» وقال وزير الخارجية السعودي في كلمته خلال المؤتمر الصحافي أن {المباحثات الثنائية السعودية الأميركية، في مجملها كانت مثمرة وبناءة، حيث اتسمت بالعمق والشفافية كما هو حال هذه اللقاءات دائماً، وبحثنا القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما اشتملت اللقاءات على بحث مستجدات الأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا وجهود التحالف الدولي القائمة لمحاربة الإرهاب، علاوة على تطورات مفاوضات برنامج إيران النووي، وعملية السلام في الشرق الأوسط وغيرها من الموضوعات}. وأشار الفيصل إلى أن {استمرار الأزمة السورية في عامها الرابع، لم يفض فقط إلى تدمير سوريا وتشتيت شعبها وتعميق معاناته الإنسانية، بل أدى إلى جعل سوريا ملاذا آمنا للتنظيمات الإرهابية، وبمباركة من الرئيس السوري بشار الأسد الفاقد للشرعية، مع ما ينطوي عليه ذلك من تهديد لسوريا والمنطقة والعالم}. وأوضح ان «هذا الأمر الذي يحثنا على تكثيف الجهود لتشجيع ودعم المعارضة المعتدلة بكل ما تحتاجه من عتاد وتدريب لمواجهة إرهاب الأسد والتنظيمات الإرهابية، وطرد المحتل الأجنبي من أراضيه»، مع التأكيد في الوقت ذاته على أن بلوغ الحل السلمي القائم على مؤتمر جنيف 1 يتطلب تحقيق التوازن العسكري على الأرض. وقال كيري أن العالم يريد أن يرى الحرب تنتهي في سوريا، مؤكدا أن النظام السوري فقد كل شرعيته، «ولكن ليس لدينا أولوية أكثر من محاربة ودحر (داعش) من أجل أن نعطي كذلك شعب سوريا القدرة على إعادة بناء دولته}. ولفت الأمير سعود الفيصل إلى أن المباحثات الثنائية ناقشت عملية السلام في الشرق الأوسط، في إطار الجهود التي قامت بها الولايات المتحدة، أخيراً، لإحياء مفاوضات السلام، لبلوغ الحل العادل والدائم والشامل للنزاع، وهي الجهود التي حظيت بمؤازرة العرب والفلسطينيين وبمباركة من جامعة الدول العربية، مؤكدًا أن رؤية بلاده تجاه الحل المنشود تظل مستندة إلى مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها ومبادرة السلام العربية، الهادفة إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة. وأضاف: «أسفنا الشديد بأن الجهود لم يتسن لها أن تؤتي ثمارها، ويعود السبب في ذلك إلى سياسة التعنت والمماطلة الإسرائيلية، وإجراءاتها التعسفية أحادية الجانب بحق الشعب الفلسطيني، وليس أدل على ذلك من قيام إسرائيل أخيراً، باعتقال الطفلة ملاك الخطيب التي لم يتجاوز عمرها 14 عاماً وإخضاعها لحكم المحكمة العسكرية، وسجنها وفرض غرامة مالية عليها بذريعة إلقائها الحجارة». واعتبر أن هذا الأمر «يدعو إلى الأسى والحزن والاستهجان الشديد، خصوصا أنه جرى على مرأى ومسمع العالم أجمع ومنظماته الحقوقية في تحدٍ صارخ لكافة مبادئ واتفاقيات حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل، ونؤكد من جانبنا أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه كافة الممارسات اللاإنسانية لإسرائيل ضد الشعب الفلسطيني». وأكد كيري، أن واشنطن تدرك أن الشراكة مع دول الخليج، ضرورية جداً لمواجهة ومجابهة عدد من التحديات العاجلة، مبيناً ضرورة الاتصال الوثيق ولا سيما في هذه الأوقات الصعبة، فيما أشار إلى اجتماعه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز الذي تتطلع الولايات المتحدة إلى أن تتبع معه، نفس العلاقة الشخصية الوثيقة التي تمتعت بها مع الملك عبد الله بن عبد العزيز (رحمه الله). وعبر الأمير سعود الفيصل عن فرحة الوطن بعودة عبد الله الخالدي الدبلوماسي السعودي، إلى بلاده، موجها بالغ الشكر لأجهزة الدولة والأجهزة الأمنية كافة التي شاركت في عودته بعد تحريره من الاختطاف، فيما قدم شكره للأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الذي أولى هذا الموضوع عنايته الفائقة منذ اليوم الأول لاختطاف الدبلوماسي الخالدي