×
محافظة المنطقة الشرقية

دعوى قضائية ضد جوجل بسبب صور مسروقة لمشاهير

صورة الخبر

عند المقارنة بين الدراسات العلمية التجريبية والنظرية، قد يبدو على المستوى الظاهر أن دراسة العلوم التجريبية أكثر جدوى في حياة الناس من دراسة العلوم النظرية، حتى أن بعض الناس صاروا يقللون من قيمة الدراسات النظرية ويرون فيها هدرا للوقت والجهد لا مردود واضحا له. ربما لكون الدراسات النظرية لا يرى لها الناس أثرا ظاهرا يلمسونه ويحسون به كما هو الحال في الدراسات العلمية التي يرى الناس آثارها بارزة جلية في حياتهم. فدراسة العلوم التجريبية يرى الناس نتائجها في المنتجات العظمى من الاختراعات والاكتشافات العلمية التي غيرت حياتهم مثل الكهرباء وقانون الجاذبية والذرة وغيرها من الاكتشافات الجوهرية التي صنعت الأساس لانطلاقة الإنسان في مجالات التقدم العلمي، هذه كلها آثار واضحة للدراسات العلمية يراها الناس أمامهم متمثلة فيما يعيشونه من تقدم تقني وعلمي يطوق حياتهم ويتمتعون به في أيامهم المعاصرة. لكن دراسة العلوم النظرية ليست كذلك، العلوم النظرية أثرها خفي لا يظهر واضحا على الإنسان أو البيئة المحيطة به، فهو أثر كامن داخل الذات ليس له صورة مادية يراها الناس ويلمسون وجودها، الدراسات النظرية بما فيها من أدب وفن وفكر تؤثر داخليا على شخصية الإنسان لا على المحيط الذي يعيش فيه، وهي تعمل في الباطن على تشكيل فكره وشحذ ملكاته الخيالية وتذوقه الجمالي وإدراكه العقلي والانفعالي مما له صلة قوية بتكوين الشخصية، فيظهر أثر ذلك في نمط التفكير ونوع السلوك والتصرفات وردود الأفعال، مما يصنع فرقا واضحا بين فرد وآخر وفق ما يتلقاه كل منهم من نوع وعمق ومقدار الدراسات النظرية. ليس هذا فحسب وإنما أيضا الدراسات النظرية هي التي تمهد الطريق إلى العلم التجريبي، فالعلوم التجريبية ما هي إلا نتاج منظومة متكاملة من التأمل والتفكير والانفعالات العاطفية والتصورات الخيالية، ولو جرد الإنسان من كل تلك الملكات لتحول إلى مجرد روبوت لا يستطيع أن يأتي بغير ما صنع له. إن الفكرة التي تكونت لدى كثير من الناس عن عدم جدوى الدراسات النظرية، قد لا تكون لمجرد أن الناس لا يدركون الأثر المهم لتلك الدراسات على شخصية الإنسان وعلى الدراسات العلمية نفسها، وإنما أيضا لرداءة المنتج الذي تطرحه الدراسات النظرية أحيانا عندما تفقد العمق الفكري ويختفى منها البعد التأملي والخيالي والتذوق الجمالي، فتصير مجرد ألفاظ تردد وأقوال تتلى ليس إلا. وخلاصة القول إن الحياة لا تستقيم بالعلم وحده ولا بالفكر وحده ولا بالخيال وحده وإنما هي شبكة معرفية تضم كل ذلك.