تلقى نظام القيود الأرجنتينية على الواردات ضربة قوية أمس في جنيف بعدما أكدت محكمة منظمة التجارة أن السياسات الأرجنتينية تنتهك قواعد التجارة العالمية. وتمسكت المحكمة بجميع الأحكام الرئيسة التي توصلت إليها هيئة المحكمين التي نظرت في هذا النزاع خلال آب (أغسطس) الماضي، حيث تم تقديم النزاع منذ ما يزيد على عامين بشكوى رفعها الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، واليابان، محتجة بأن التدابير الأرجنتينية المتصلة بالتجارة، تفرض قيودا على واردات الشركات الأجنبية، وتخلق ميزة غير عادلة للسلع المنتجة محليا على نظيراتها الأجنبية. واستندت الشكوى إلى بعض فقرات القانون التي تؤكد أن صادرات الشركات المحلية يجب أن تتساوى، على أقل تقدير، مع ما تستورده من حيث القيمة؛ حيث يُلزم القانون الشركات الأجنبية عموما بالحد من مستوى وارداتها من حيث الحجم أو القيمة؛ وتعويض قيمة وارداتها بصادرات مساوية لها في القيمة. وبمعنى آخر، فإن بوينس آيرس ألزمت الشركات التي تريد تصدير بضائع إلى الأرجنتين أن تستورد بضائع أرجنتينية تسديدا لقيمة صادراتها، واعتبرت الشكوى أن الشركات الأجنبية انغمست في أنشطة لا علاقة لها بأعمالها المعتادة من أجل زيادة صادرات من البضائع الأرجنتينية. وتقتبس "الاقتصادية" مثالين جاءا في الشكوى، فشركة "هيونداي"، الكورية الجنوبية المُصنعة للسيارات، التزمت بتصدير الفول، ووقود الديزل الحيوي، ودقيق الصويا المنتج في الأرجنتين، أما شركة "بورش" الألمانية للسيارات فقد أجبِرت على شراء زيت الزيتون الأرجنتيني مُقابل إدخالها مئات السيارات إلى الأرجنتين. وتقول الشكوى إن القانون ألزم الشركات الأجنبية التي تتعامل مع الاستثمارات الواردة بزيادة استخدام المحتوى المحلي من السلع المنتجة في الأرجنتين؛ وأن تصل إلى مستوى معين من استخدام المنتجات المحلية في إنتاجها إذا ما أرادت مواصلة نشاطاتها، واستثماراتها في الأرجنتين، على أن تُبقي أرباحها كافة هناك مع عدم تحويل العائدات أو الأموال الأخرى إلى الخارج. ورفض حكم "منظمة التجارة" هذه الإجراءات كافة، وأكد أيضا أنه لا ينبغي على الأرجنتين أن تُلزم الشركات الأجنبية بالحصول على موافقة مسبقة على ما تريد أن تستورده من سلع من الخارج. وأسقطت المحكمة التي تُعد بمثابة "هيئة استئناف" لأنها تنظر في الطعون المُقدمة ضد القرارات التي تتخذها الهيئات التحكيمية، جميع اعتراضات الأرجنتين بعدما طعنت على سبيل المثال، في توصيف هيئة التحكيم لهذه المتطلبات ذات الصلة بالتجارة، كـ "تدبير واحد"، ودفعت بأن هذه المتطلبات في الواقع هي خارج اختصاصات هيئة المحكمين. وطبقا للحالات السابقة التي شهدتها منظمة التجارة، فإنه يتعين على الطرف "الخاسر" أن يذعن للحكم، إما فورا أو بعد إجراء مباحثات مع الطرف "الرابح" خلال فترة زمنية معقولة، أو يواجه إجراءات عقابية تفرضها المنظمة، إذا ما لجأت الأطراف المشتكية للتحكيم من جديد. وأوضح لـ "الاقتصادية"، خوليو سيزار ميركادو، عضو البعثة التجارية الأرجنتينية، أن حكم منظمة التجارة لا يُلزم إجراء تعديلات فورية على السياسات التجارية الأرجنتينية، مشيرا إلى أن دراسة مفصلة للحكم تجري حاليا، وأنه من الممكن إجراء مباحثات ثنائية مع الأطراف المشتكية، لكن ليس قبل تحليل الجوانب القانونية والاقتصادية للحكم. وكان المشتكون في هذه القضية سريعين في إصدار بيان يدعو الأرجنتين إلى الامتثال للحكم، فقد ذكر بيان أصدرته البعثة التجارية الأوروبية أنه ينبغي على الأرجنتين الآن التخلي عن هذه الممارسات التجارية الخاطئة، والسماح للشركات الأجنبية أن تمارس أعمالا تجارية طبيعية مع شريكاتها الأرجنتينية. وأضاف البيان أن التدابير الأرجنتينية خلقت "أعباء شديدة" على المستوردين الأرجنتينيين للمنتجات الأوروبية، وجعلت من الصعب على الشركات الأجنبية العمل في هذا البلد الأمريكي الجنوبي.