لماذا يقرصك البعوض ويتكوم حولك بينما جارك في المجلس لا يعاني منه؟! لماذا يساعدك الصوم أو الامتناع عن بعض الأطعمة في الشفاء من الأمراض ــ بإذن الله؟ لقد عانت السيدة "اليسون" من الأكزيما معاناة شديدة لمدة ثماني سنوات لم تنفع معها العلاجات، ولما امتنعت عن تناول السكر الذي كان يسبب خللا في ميكروبات أمعاءها اختفت الأكزيما تماماً! أما السبب في تسلط البعوض على شخص دون الآخر أن جلدك تفرز ميكروباته أنواعا مختلفة من المواد الكيماوية التي تسهم في جذب أو طرد البعوض عنك. تلك الكائنات تسهم في تشكيلك وتحدد تفاعلك مع كل ما حولك، إنها تحدد أي نوع من المسكنات يناسبك وأي دواء يمكن أن يسمم كبدك، وهل الدواء سيؤثر في قلبك أم لا، وربما ميكروباتك في المستقبل ستحدد نوع علاقاتك الشخصية واختيارك حتى شريك حياتك، مثل ما اكتشف مع ذبابة الفاكهة حيث تحدد ميكروباتها شريك حياتها! فنحن رغم تشابهنا كبشر لا نحمل أنواع الميكروبات نفسها حتى لو كنا توائم، فقد يكون لك شبيه أو أخ توأم تتطابق معه بنسبة 99,9 حتى في صفاتك الوراثية وجيناتك، ولكنك تختلف عنه جذريا في نوعية الميكروبات التي تحملها في كل بقعة من جسدك، إنها تبدو متشابهة تحت المجهر ولكنها مختلفة تماما في التركيب، والمدهش أن تنوع البكتيريا في جسد الشخص الواحد مثل ميكروبات فمه أو جلده أكبر بكثير من تنوع البكتيريا بين أعماق البحار والبراري! فالأولى لا تفصلها سوى سنتيمترات قليلة عن بعضها ورغم ذلك تتنوع بشكل مثير للدهشة بينما التي في البيئات المختلفة وتفصلها آلاف الكيلومترات تحمل تنوعا أقل بكثير! فما الذي منحنا هذا التنوع والاختلاف فيما بيننا؟ أي شيء تلمسه لن تترك عليه بصمة حمضك النووي فقط، بل والحمض النووي لمكروباتك، وهذا أسهم في حل بعض الجرائم، فمن خلال نوع البكتيريا على فأرة كمبيوتر نستطيع تحديد مستخدمها، كما أمكن تحديد إن كانت هذه القطة أو الكلب تعود لهذا الطفل أو ذاك من بقايا ميكروباته عليها! نحن نكتسب هذا التنوع منذ ولادتنا، لذا تجد هناك فرقا كبيرا بين صحة والأمراض التي تصيب الأطفال المولودين بطريقة طبيعية وبين المولودين بعملية قيصرية! فالمولودون بعملية قيصرية تجدهم يحملون ميكروبات الجلد ويفتقدون ميكروبات المجرى الطبيعي وتكثر لديهم أزمات الربو والحساسية والتهاب الأذن والسمنة! يقول الباحث "روب نايت" وهو القائم على "مشروع ميكروبات الإنسان" وعن تجربة شخصية، أنه عند ولادة ابنته بعملية قيصرية قام بأخذ ميكروبات من مجرى الولادة الطبيعي ووضعها في كفها، ولاحظ أن ابنته مر عليها ثلاث سنوات دون أن تصاب بالتهاب الأذن! وجود هذا الكم من الكائنات في جسدك قد يصبح أهم من تحليل الجينات.