بقلم : د. عبدالله الحريري مكتب اليوم سفراء المبتعثة والمبتعث يواجهان الكثير من التحديات والعقبات أثناء رحلة طلب العلم والتطوير وتحقيق الذات، والتعامل مع تلك الأمور الهامة بأسلوب «توسعة الصدور»، ويجعل المبتعث أو المبتعثة في حالة من التوتر والقلق والإحباط خاصة أن تجربة الابتعاث تعتبر تجربة فريدة ومميزة بالنسبة للفتاة والشاب، اللذين اعتادا على حياة منزلية وأسرية حاضنة واعتمادية وقلقة ومتخوفة ومهملة للحقوق الشخصية والقانون بامتياز، إلى حياة مختلفة تماما تتميز بالاستقلالية والاعتماد على النفس والحرص والالتزام بحقوق الآخرين والقانون، وثقافة تتميز بجينات وراثية مختلفة في التفكير والسلوك، وهذا بحد ذاته يخلق نوعا من الصدمة المعرفية والسلوكية واعتلال الحنين لحضن الأسرة لدى الغالبية. اليوم عندما تضاف مشكلات السفر والسكن واللغة والمال والعلاقات مع الاخرين والعلاقات مع الملحقيات وبعض المشكلات الصحية ومشكلات المرافق (المحرم) والابتزاز الحاصل فيها من بعض المرافقين والعلاقة الاكاديمية داخل المعهد والجامعيةإلخ، تصبح المبتعثة والمبتعث تحت ضغط نفسي واجتماعي وصراع وإحباط نتيجة عدم تحقيقه لذاته واستيفائه لحاجاته ومطالبه الحياتية، ومن الممكن ان تذهب به هذه الأمور إلى الاكتئاب وربما العدوان على الأسرة والمجتمع، وهذا ما يجب ان نسعى للحد منه ومنعه حتى لا نفسد هذا المنجز الوطني الهام في الاستثمار في القوى البشرية، وهناك بعض المآسي السلوكية والنفسية بوجه عام التي قد يتعرض لها أي طالب، والجميع يعرف مواطن الخلل وليس من المنطق والعقل أن نوقف الابتعاث من باب سد الذرائع، فالابتعاث في آخر المطاف عملية اختيارية ومكسب وطني، ولكن نحن نعرف أن هناك ضغوطا على الملحقيات على عدة أصعدة، كالتفاعل والتواصل الناجح مع المبتعثين وقلة عدد المشرفين، وبالمقابل هناك مطالب واحتياجات وحاجات وطلبة ذهبوا على حساب عوائلهم على أمل الالتحاق بالبعثة، ومن حقهم على البلد ان يلتحقوا في أسرع وقت ولا نتركهم يصارعون المواقف والأحداث ونحن دولة ميسورة. يجب أن تسارع الدولة إلى حل الكثير من العقبات أمام المبتعثة وفي أولها قضية إلزامية المرافق، فبعضهن يعانين من الصراع ما بين الطموح والمستقبل وتحقيق الذات، وبين ضغوط بعض المرافقين وابتزازهم اذا صح التعبير ماديا ومعنويا؛ لأنهن مواطنات مثل المرافق في الحقوق، وهن مربيات وأمهات المستقبل، ويجب بدون نقاش أن يُحترمن. وعلى صعيد آخر، لا بد من حلول استباقية لتلافي أي خلل وأن تشمل تلك الحلول تقديم الدعم والرعاية والمتابعة في أي وقت ومكان من قبل الملحقيات والسفارات، وأن لا يترك الحبل على الغارب وتتحول اعمالها إلى الجوانب الدفاعية لما تقوم به وأن لا يكون الدور محصورا في «كتبنا للوزارة وننتظر الرد»، أي لا بد من منحها صلاحيات واسعة. فلقد استثمرت الدولة والاسرة والطلبة الكثير في هذا البرنامج، ونحتاج إلى حماية هذه الاستثمارات ببرامج جدية وعملية أكثر مرونة وتميز ومبادرة. *خبير في علم النفس السلوكي المعرفي