×
محافظة المنطقة الشرقية

كيف نعود شباباً بعد المشيب؟ - د.م. عصام أمان الله بخاري

صورة الخبر

أكثر من 915 جهة تشارك في معرض الرياض الدولي للكتاب في نسخته الثامنة، متحدياً ومتجاوزا لكثير من العقبات التي مر بها، على مستوى الفكرة وعلى مستوى التنظيم، ليصبح اليوم رمزا ثقافيا سنويا بارزا، وخصوصا بعد تبني وزارة الثقافة والإعلام له، كتظاهرة ثقافية تنافس نظيراتها في العالم العربي. وعلى الرغم من الانتقادات اللاذعة التي طالته في سنوات مضت إلا أنه بات مقصداً لدور النشر المحلية والعربية، إلى جانب المثقفين، وأبناء المجتمع لتكون له الكلمة الفصل في مشهد ختامي يقف له الجميع مشجعين ومصفقين. قوائم مسبقة يتحدث إبراهيم الجريفاني – ناشر – لا شك أن معرض الرياض للكتاب بات من أهم المعارض العربية حالياً، للمرونة التي يتميز بها، ومنافسة دور النشر ساهمت في جعله ومعرض بيروت من أبرزها، مضيفاً أن المعرض بات يحتم عليه كناشر أن يحرص على المشاركة ويعوِّل على المعرض لأنه يتبع الجامعة وبيئة إيجابية لطرح الجديد ولديه هذا العام 20 عنواناً حديثاً، منها الطبي والعلمي. ويضيف الجريفاني عن أن بعض الدور تتنافس لعرض الكتب الأكثر مبيعاً لديها، وبعضها يميل إلى الفضائحية للانتشار السريع، إلا أنه يفضل أن يخاطب القاريء بالشكل الصحيح، لافتاً إلى أن ارتفاع الوعي لدى القاريء جعل من كل ذلك فقاعات لم يعد لها مكاناً. ما يُعقد على هامش هذه المعارض بشكل عفوي لا يقل في أهميته عما أعد له سلفا. وعن الملاحظات التي تؤخذ على المعرض سنوياً يقول " إدارة المعرض من تجربتها تنبهت للملاحظات وتجاوزتها، لكنها مطالبة في الوقت نفسه بأن تدع الفرصة للقاريء لاكتشاف الكتب المتوافرة في المعرض"، مضيفاً أن "القائمة المسبقة" جعلت القاريء يتوجس لأن الكتب المعلن عنها ليست بالجودة المتوقعة، ناصحاً الزوار بعدم التأثر بأفضلية الكتب وعليهم أن يأخذوا فرصتهم بالتعرف على الكتب من خلال قراءة الملخص. مصدر سعادة عبد الوهاب الفارس – رئيس لجنة النشر – في أدبي الشرقية يشيد بدوره في معرض الكتاب الدولي في الرياض قائلاً "محفل جميل ورائع والتقاء للفكر والثقافة والأدب"، إلا أنه يعيب على المعرض إهماله لركن النادي، موضحاً أن الكتب تظل مرمية في الممرات، كما أن بعضها يتم إيصاله متأخراً، إضافة إلى أن المكان المخصص يكون صغيراً، وماتحتاج إليه الأندية لتبرز مساحة أكبر وترتيب أكبر، مشيراً إلى أن النوادي أغلبها تعاني المشكلة نفسها، مطالباً بالمزيد من التنسيق بين منظمي المعرض والنوادي. ويذكر الفارس أن النادي يركز على المادة وكمية الإبداع التي تحتويها، كأن تكون الفكرة جديدة وغير مكررة، ومتقنة، مع مراعاة الإملاء والنحو واللغة، إلى جانب مراعاتها للعرف الاجتماعي، ومهمة النادي هي التشجيع والاحتواء والخلق، خاصة أؤلئك المتخوفين الذين يقصدون النادي على استحياء ويملكون الموهبة، لافتاً إلى أن النادي يشارك هذا العام بأكثر من 24 إصداراً جديداً، متمنياً من الشباب المشاركة لإثراء الساحة الأدبية، فمعرض الكتاب مصدر سعادة. فضاء أوسع أما عباس الشبركة – مدير دار أطياف – فيوضح أن المشاركة في معرض الكتاب في الرياض تهدف بالدرجة الأولى إلى تنمية المجتمع المحلي من خلال الإصدارات، مضيفاً أن المعرض منبر مهم لإيصال الكتاب إلى خارج المنطقة والمعرض للخروج من الفضاء المحلي إلى فضاء أوسع. ويراهن الشبركة على جميع الأسماء التي أصدر لها، وبالأخص كتّاب القصة والشعر، قائلاً "تجربتنا جميلة معهم وخاصة أن الإصدارات الفكرية والثقافية قليلة جداً مقارنة بالأخرى، على الرغم من أن الدار أصدرت بعضاً من المؤلفات التاريخية والفكرية، مشيراً إلى أن أطياف تشارك بـ 300 إصدار 65 في المائة منها جديد، ولعلها الدار الوحيدة في القطيف التي تتبنى جميع الاتجاهات وتعمل في جميع المجالات". ويبين أن الدار لها تجربتين أخريين في المعرض وكلاهما ناجح، متقدماً شكره لإدارة المعرض لإتاحتهم الفرصة وتعاونهم المثمر لتوفير الأريحية لجميع الدور، التي اتخذت من المعرض محفلاً للاستفادة من تجارب الآخرين، وعقد اللقاءات الجانبية والندوات الحوارية فيما بينها لتبادل الخبرات. ويشير الشبركة إلى أن الكتّاب الشباب مطالبون بالتواجد لالتقاء القاريء وجذبه نحو إصداره وتشجيعه، مضيفاً أنه كناشر يهتم بدعوة جميع المؤلفين للاستفادة من هذه التظاهرة الثقافية النادرة. لا يغيب الأطفال والشباب عن اهتمام المعارض الدولية وعن الخطط والأهداف المرسومة لها. حالة نضج من جانبه يشيد الروائي إبراهيم عباس بما خلقه معرض الرياض الدولي للكتاب من ازدهار عشق القراءة والكتابة، ذاكراً أنه ازدهار مضطرد فالجميع بات يسعى للحضور والتفاعل، وتصوير اقتباسات الكتب القريبة من قلب القاريء أصبحت ظاهرة منتشرة تبعث على الفرح. ويضيف أن التفاعل أصبح إيجابياً أكثر من الانتقادات الهامشية التي تطرح، لافتاً إلى أن ذلك التفاعل أصبح يصل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي حتى وفر الجهد على الآخرين للحضور للمعرض لأن الجميع أصبح على دراية بما يحتويه المعرض. ويقول "ازدياد شغف القراءة زاد شغف الكتابة، ما زاد التنافسية"، مضيفاً أن ذلك الشغف أصبح مطمئناً ويدعو للتفاؤل وخاصة أن القراءة أصبحت شيئاً أساسياً في حياة كثيرين، وهو ككاتب كان يحرص على المشاركة ولو بعشر نسخ ليتواجد مع القاريء ويكون قريباً منه. ولايخفي إبراهيم عباس سعادته بـ "حالة النضج" التي يعيشها المعرض، وهو ما لمسه من ردة فعل الجمهور سواء من ناحية التنظيم أو الإقبال، منوهاً إلى أن الزوابع السلبية تضاءلت بل استطاع المنظمون التغلب عليها والسير على خطى ثابتة نحو التطوير وتفادي الأخطاء، على الرغم من أنه يجد أن اللغط الكبير الذي أحاط المعرض في بداياته ظاهرة صحية تتصاحب مع كل حدث جديد خاصة في مجتمع محافظ، وما تلبث أن تتلاشى تدريجياً، لتصبح مترقبة سنوياً، والشعب السعودي متعطش للجديد، وثقافة المعارض لم تكن معروفة حتى نظم معرض الكتاب ليعزز الثقافة. وعن توقيت الإصدارات؛ أوضح أنه حاول في أول إصدارته أن يجعله متزامناً مع المعرض لكنه لم يوفق، مشيراً إلى أنه لا يهتم بالتوقيت على حساب جودة المادة وإرضائها لتعطش الجمهور، ولو أنه حريص على بثها في أوقات بعيدة عن انشغالاته كفترات الاختبارات وغيرها. تظاهرة تنويرية فيما يرى الكاتب فاضل العماني أن هناك الكثير من الملاحظات والتحديات التي تواجه معرض الرياض الدولي للكتاب، كالتوقيت الذي يقام فيه، وعدد الأيام التي لا تزيد على عشرة أيام، وتداخل الصلاحيات والمسؤوليات لدى بعض الجهات خاصة فيما يتعلق بالرقابة على الكتب أثناء المعرض، واستنفار بعض المحتسبين الرسميين وغير الرسميين وتدخلاتهم في اختيارات وقناعات دور النشر والزوار مما يتسبب كثيرا في توتر الأجواء في أروقة وممرات المعرض، إلى جانب استمرار ظاهرة حجب ومنع بعض الكتب لأسباب غير واضحة، وكذلك إعطاء مساحات متفاوتة لبعض الجهات والمؤسسات وعمال البعض الآخر ويظهر ذلك جليا في المساحة الصغيرة جدا للأندية الأدبية رغم أنها المعنية الأولى بنشر وتوزيع الكتاب، أيضا ما زال الكتاب الرقمي يتواجد بخجل شديد ولا يحظى بالعناية والاهتمام. كلما زاد إنتاج أوعية المعلومات في بلد ما دل ذلك على زيادة الوعي الثقافي له. ويواصل العماني بأن معرض الرياض الدولي للكتاب في حاجة إلى الكثير من التطوير والتحديث والجرأة، لا لأن ينافس المعارض العربية، بل ليكون ضمن المعارض الدولية الكبرى للكتاب تماما كما هو الحال في برلين ونيويورك وطوكيو، وهذا الأمر ممكن جدا إذا ما كانت هناك رؤية واضحة وعزيمة وإصرار للانتقال بهذه التظاهرة من ساحة التنافس العربي إلى فضاء العالمية. ويضيف أن معارض الكتاب المهمة في الكثير من الدول القريبة والبعيدة، لا تتعامل مع هذا الحدث الكبير باعتباره نقطة بيع وتسويق وترويج للكتاب، رغم أهمية كل ذلك، وذلك لأن المجتمعات المتطورة أدركت مبكراً أن معارض الكتب أشبه بمنظومة متكاملة متخصصة بصناعة النشر والتوزيع بكل تفاصيلها الكثيرة والكبيرة، والتي تتكامل وتتقاطع مع هذه التظاهرة الثقافية والفكرية والتنويرية والتنموية والاقتصادية، لافتاً إلى أنه وبعد عدة سنوات ما زال يبحث عن شخصيته التي تميزه عن المعارض والفعاليات المهتمة بالكتاب، باعتباره الحاضنة الأمينة لكل العلوم والمعارف والثقافات والخبرات والتجارب على امتداد المسيرة البشرية منذ بدء التدوين، قائلاً "نعم، معرض الرياض الدولي للكتاب، يتصدر المشهد الثقافي العربي منذ سنوات، ولكن في مجال البيع والتوزيع والقوة الشرائية وعدد دور النشر والعناوين، ولكن المجالات والتفاصيل الأخرى في حاجة إلى الكثير من التطوير والجرأة، كالفعاليات الثقافية والفكرية والندوات واللقاءات التي تكون على هامش المعرض، لا تتناسب وشهرة ومكانة هذا المعرض العربي المهم للكتاب".