في ظل تزاحم الأطعمة من مختلف أصقاع المعمورة وتنوعها، وما تتطلبه من جهد، وما يطرأ عليها من إضافات بغية الحفاظ على جودة المذاق، إلا أن جازان والقنفذة تزخر بالعديد من الأكلات الشعبية، يتنافس عليها الزوار من خارج المنطقة، ومنها المحشوش أو القليم التي تتصدر أطباقه على المائدة مع قدوم عيد الأضحى المبارك. وتطوع عدد من النساء بيديها تقطيع اللحم بعد فصله عن الشحم والعظم إلى قطع صغيرة، وبعد غسله وتنظيفه وتركه معرضاً للهواء حتى يجف من الماء، يتم تجهيز البهارات المكونة من الكمون والفلفل الأسود والهرد والكركم والبصل وغيرها من البهارات الشعبية، مضافاً إليها القرف والهيل المطحون بعد ذلك عمل حفرة ليوضع فيها ثلاثة أحجار متقاربة الأحجام حتى يوضع القدر عليها ويوضع الحطب من نوع الشوك «من شجر السلام» أو السدر، ويقلب حتى ينصهر منه الزيت ويسمى الصليل في هذه المرحلة يتغير لون قطع الشحم إلى اللون الذهبي ويتقلص حجمه بعد ذلك يوضع عليه اللحم وتضعه النساء باحترافية على النار، وتقلبها مرات لتتلقفها أفواه جائعة تنتظر التذوق من أطعمة ظلت راسخة تستحضر تاريخ الزمان والمكان. ويتحلق حولهم ثلة من محبي تلك المأكولات الشعبية، فتذوقها ينقلهم إلى ذكريات محببة تغوص في عمق التاريخ، وتستنطق جمعة الأهل والصحاب وهم يتحلقون حول النار، يفركون بأياديهم انتظار المحشوش لحمل دفء الأصالة، وسط رائحته الشعبية اللذيذة التي تتصاعد لتملأ فراغ الجادة، ما يدفع زوار المنطقة إلى تتبع المصدر، والإقبال على الشراء من بعض المطاعم.