هي أقدارنا، وهي مصائرنا، وهي ما يمكن احتمالات حدوثه في مسيرتنا الحياتية وركضنا المضني والمرهق في صناعة أدوارنا والقيام بماهو مطلوب منا تجاه الأرض والإنسان وفعل صياغة الانتماء والولاء والإخلاص للمكون السياسي والجغرافي والبشري وما يتصل بكل هذا من تكامل نهضوي على كل الصعد والمجالات ومن أولوياتها تكريس فكر تنويري ينقلنا من الإقامة في مفاهيم زمن مضى، والوقوف متباكين ونصعد النشيج الحاد على مفاهيمه وتقاليده وممارساته التي لا تتصل بالعقيدة والثوابت الدينية بصلة قريبة أو بعيدة وإنما أنتجها جهل مخيف بتفسير النصوص، وقراءة أبعادها في المفاهيم والتأويل والاستنتاج، إلى التعاطي والعيش في زمن نتفاعل مع تحولاته ومستجداته ومتغيراته ومنجزه الطليعي وتلاقح أفكاره الخلاقة والمبدعة والهادفة إلى رخاء البشر دون تمييز في العرق أو الديانة أو اللون أو الانتماء الجغرافي. هي أقدارنا تفاجئنا، وتحط علينا كما الفواجع، كما مواجع الزمن الذي يحيل الكائن إلى ما يشبه الخراب والانهيار والتفتت بحيث يدرك حقيقة أن التعاطي مع الناس والحياة بقدر كبير وثري وسخي من التهذيب والحب هو ما يبقى من رصيد حياتي أخلاقي إنساني علائقي. في صيف عام 2013 كنت أقضي إجازتي السنوية في لندن مقر الإقامة الدراسية لابنتي وابني (لم أعتد الإجازات الطويلة ، لأنني لا أطيق البعد عن بيئة الجرائد، والتفاعل مع مشاعر الزملاء وصخبهم). ولم يكن في الذهن أنني سأعود إلى مدينة المواجع بعد أشهر قليلة جداً وأقضي فيها شتاء قاسياً مدمراً كئيباً مصاباً بسرطان الرئة، لم يكن المرض هو الهم والهاجس فهذا قدرنا كبشر يجب أن نواجهه بكثير جداً من التفاؤل والأمل والرجاء والشجاعة والضحك والسخرية حتى الجنون، وإنما الكآبة والوحشة والتمزقات التي تنبتها الغربة والابتعاد عن الأصدقاء والزملاء (كم أحمل لهم من حب) في مدينة توحي بالموت والدمار والعدم في أشهر الشتاء شأنها شأن أي مدينة أوروبية. ربما تكون هذه السطور تبريرية لغيابي طيلة أشهر، وأتمنى أن تكون بداية استمراري في العطاء والإنتاج وتقديم دور أصبح كبيراً وضخماً، وأسجل في البدء والمنتهي وإلى الأبد امتناني وتقديري ووفائي لأعضاء مجلس إدارة المؤسسة ورئيس مجلس الإدارة د . رضا عبيد، وللصديق النبيل والوفي تركي السديري رئيس التحرير وكل الزميلات والزملاء والكتّاب على التفافهم حولي وتواصلهم اليومي معي فقد كانوا خط المواجهة الأول نفسياً تجاه المرض. «أبوس قاماتكم اعترافاً بأفضالكم»، وأختم بأن من يعمل في جريدة الرياض محظوظ، محظوظ، محظوظ. ونلتقي. لمراسلة الكاتب: RashedFAlRashed@alriyadh.net