تونس: المنجي السعيداني تدرس الحكومة التونسية التي يتولى رئاستها الحبيب الصيد سبل إقرار ميزانية تكميلية للتنمية وكيفية توفير الموارد الضرورية قبل عرضها على البرلمان التونسي للتصديق عليها، ومن المنتظر الإعلان عن كل تفاصيلها خلال الثلث الأول من السنة الحالية. وتجد الحكومة، وفق عدة خبراء في المجال المالي والاقتصادي، صعوبات متنوعة في تحديد موارد الميزانية في ظل تذبذب الإنتاج وتعثر الصادرات، خاصة في مجال الصناعات المعملية والتحويلية. وتنظر الحكومة إلى سنة 2015 باعتبارها «عقبة كأداء» لا بد من تجاوزها بأخف الأضرار، على حد تعبير أحد الخبراء في الاقتصاد، وتضع نصب عينيها سنة 2016 التي تعتبرها مرحلة مؤسسة لبداية المراجعة الجوهرية والمتدرجة للنظام الاقتصادي والاجتماعي واتخاذ عدة قرارات هيكلية مهمة، خاصة على مستوى الدعم الموجه للمواد الاستهلاكية وإصلاح النظام الجبائي. وفي هذا الاتجاه، أصدرت الحكومة خلال الآونة الأخيرة منشورا وزاريا دعت من خلاله أعضاء الحكومة إلى الانطلاق في إعداد مخطط التنمية للفترة الممتدة من 2016 إلى 2020 متجاوزة بذلك السنة الحالية التي تعتبرها سنة انتقال اقتصادي. ورغم فتح الحكومة أبواب المفاوضات الاجتماعية مع نقابات العمال بشأن الزيادات في الأجور، فإنها طلبت بداية الأسبوع الجاري من الهياكل النقابية «هدنة اجتماعية» لالتقاط الأنفاس واسترجاع مستويات الإنتاج العادية ودعتهم إلى عدم إغراق المشهد الاقتصادي بطلبات مالية مجحفة لا تقدر على تلبيتها. وفي هذا الشأن، دعا الحبيب الصيد رئيس الحكومة التونسية إلى عقد اجتماعي يربط بين الحكومة ونقابة العمال يفضي إلى وضع حد للمطالب المهنية المشطة للنقابات، وحثهم إلى الابتعاد عن لغة التهديد بالإضرابات. ودعا الصيد التونسيين إلى إيلاء أهمية خاصة للعمل والإنتاج وإعادة الاقتصاد التونسي إلى السكة، على حد تعبيره. وبشأن الصعوبات التي تنتظر الاقتصاد التونسي خلال السنة الجارية، قال حسين الديماسي وزير المالية السابق لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع الاقتصادي في تونس ليس في أفضل حالاته ولا توجد مؤشرات فعلية على توجهه نحو التحسن التدريجي على الأقل خلال الشهرين الأولين من سنة 2015. وأكد الديماسي على تواضع نسبة إنجاز المشاريع الحكومية خلال السنوات الأربع الماضية، وقال إن تلك النسبة لم تتجاوز حدود 60 في المائة، وهو ما أثر بشكل مباشر على نسب النمو الاقتصادي من ناحية، ومن ثم على مستويات التنمية والتشغيل من ناحية ثانية. وأشار الديماسي إلى أن نسق إنتاج القطاعات المنتجة لم يتجاوز 1.6 في المائة، ووصف لجوء الحكومة التونسية خلال الفترة الماضية إلى قرض رقاعي بمبلغ مليار دولار بـ«المصيبة» نتيجة مزيد إغراق البلاد في المديونية، بيد أنه أقر في المقابل بصعوبة تغطية عجز الميزان التجاري التونسي الذي زاد بنسبة 70 في المائة خلال السنوات الماضية، على حد تقديره. وتنتظر تونس انعكاس الاستقرار السياسي والأمني بعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بنجاح، على الوضع الاقتصادي وهو ما لم يحصل إلى حد الآن وفق تقديرات الخبراء في المجالين المالي والاقتصادي. وفي هذا الصدد، قال الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي في تصريح إعلامي إن «الانفراج السياسي في تونس لم يأت بانفراج اقتصادي، ولم يلمس التونسيون تحسنا بصفة ملموسة على وضعهم الاقتصادي والاجتماعي». وأقر العياري بالبداية الصعبة التي عرفتها معظم المؤشرات الاقتصادية في تونس، واستثنى من هذا الأمر التجارة الخارجية التي عدلتها بعض النتائج الإيجابية لصادرات زيت الزيتون وعودة إنتاج مادة الفوسفات. وفي المقابل شهدت صادرات صناعات النسيج والملابس والجلود والأحذية والصناعات الميكانيكية والكهربائية، تقلصا على مستوى حجم التصدير، وهي واقعة تحت التأثير المباشر لحالة الانكماش الاقتصادي المسجل في بلدان الاتحاد الأوروبي، خاصة أن نحو 80 من الصادرات التونسية تتوجه إلى الفضاء الأوروبي.