في أسطوانةٍ تدور ولا تتوقف أبدًا.. نسمعها ويزعجنا صداها، ولكن لا نراها.. أو لا نقتنع بحقيقتها.. «الحرب على الإرهاب». شعار من لا شعار له.. انتبهنا لأخطار الإرهاب، ولكن نسينا أنه نتيجة عوامل اختلطت ببعضها فأفرزته، والحرب عليه وحده قد تقضي عليه على الأرض لكنها لن تنهي نسله، ولن تلغي احتمالية ظهوره من جديد. في كل مكان هناك دوافع للتطرف، أقول في كل مكان إلا ما رحم ربي.. والتطرف هو دافع الإرهاب الأول والأكبر والثابت. في المدرسة، والعمل، وفي الشارع، وحتى في وسائل الإعلام والمجالس.. في كل مكان هناك فرصة للتطرف الفكري والشذوذ عن الفطرة السوية، وانتهاج الإرهاب طريقة لفرض الفكر وتحقيق الرؤية المتطرفة. إن مشاريع الإصلاح والتغيير الاجتماعي هي الأساس لمواجهة التطرف أو سد الطريق أمام انتشاره، ومتى ما استشعرنا أهمية أن يكون شعار هذه المشاريع «مواجهة التطرف» بدلاً من «رفاهية المواطن» فحينها نؤسس مشروع محاربة الإرهاب الفعلي. لكن النزول إلى الأرض والمواجهة العسكرية فقط أمام التنظيمات الإرهابية لن تجدي نفعا لردع خطرهم في المستقبل.. وبدلاً من داعش العراق وسوريا وليبيا، ستظهر لنا داعش السعودية والكويت والإمارات! الحرب حربنا، وما دام أننا اتفقنا مع القوى الخارجية على استراتيجية الحرب العسكرية والسياسية فيجب أن يكون لنا استراتيجيتنا الداخلية الإصلاحية. ولدت التنظيمات الإرهابية بطابعها المتطرف آيديولوجيًا من رحم التخلف والجهل والتطرف لمبادئ التشدد الديني. لم يكن مقاتلو هذه التنظيمات طلاب دراسات عليا، ولم يكونوا أساتذة جامعيين أو موظفي مراتب مرتفعة.. لم يكونوا إلا جُهالا استغلوا، أو عاطلين يئسوا، أو أصحاب مواقف منتقمين.. لذا فإننا معنيون بإعادة النظر في أوضاع المواطنين أمثالهم ممن لم يذهبوا للقتال ولم يتطرفوا للفكر المتشدد.. فنعلم الجاهل، ونوظف العاطل، ونضمن الحقوق الخاصة ونرد المظالم لأصحابها ونحسن المعيشة ونضمن للمواطن مستقبل السلم الاجتماعي والاقتصادي الخاص به. إن الحروب العسكرية التي نخوضها ضد الإرهاب ذات فائدة استراتيجية ضيقة وذات مدى زمني يمكن أن ينتهي بأي وقت.. لكن الحروب الفكرية والاجتماعية هي ذات التأثير الدائم وإن كان القضاء تمامًا على التطرف فيها غير ممكن.. لكن حسر توسعه ودرء أكثر أخطاره أفضل من الانتظار حتى نخسر كل شيء. أكرر: الحرب حربنا! رابط الخبر بصحيفة الوئام: شعار من لا شعار له !