لم تترك المنظمات الإرهابية المتطرفة سبيلا إلى تحقيق مطامعها بالنيل من الاستقرار السعودي، وفي كل مرة يكسب الوعي المجتمعي المعركة ويخسر الإرهاب والمتطرفون بداعشهم وقاعدتهم. بالأمـس وفي أكاديمـية نايف للأمن الوطني بالرياض وخلال ندوة "الأمن والإعلام" أكد المتحدثون والحضور على أن الوعي المجتمعي السعودي دائما ما يكون صمام الأمان، والسلاح الفعال لردع أي محاولات إرهابية تحاول استدراج المواطنين وسحبهم إلى أراضي النزاع أو إثارتهم في الداخل. من جهته، دعا رئيس حملة السكينة عبدالمنعم المشوح إلى ضرورة إنشاء مركز وطني يقدم خدمات لوجستية للتعامل مع ما يحاك إلكترونيا لإلحاق الضرر بأمن المملكة ومصالحها وشعبها. في ندوة تناولت "الأمن والإعلام" تركزت على توغل الإرهاب في مواقع التواصل الاجتماعي، سيطرت التحديات على مجريات الحديث وطغت السلبيات في التعامل مع تلك التحديات على الإيجابيات، إلا أن القاعة بمن فيها اتفقوا على إيجابية واحدة فقط، ألا وهي الوعي المجتمعي بـ"الخطر الداعشي" والإرهاب عموما. المواطن السعودي بوعيه كان الصوت الأجدر بالاهتمام والبارز رغم احترافية الإرهابيين في التعامل مع التقنيات الحديثة ولكونه الإيجابية الوحيدة والسلاح الأقوى لمحاربة الإرهاب الداعشي أو القاعدي في "تويتر"، فقد أعطى المتحدثون والحضور في الندوة التي عقدت مساء أمس في أكاديمية نايف للأمن الوطني بالرياض، الأمل في أن الحرب التويترية سيكسبها المواطن السعودي من دون شك. الندوة خرجت بمطالب عدة من المتحدثين، ولعل ما طالب به رئيس حملة السكينة عبدالمنعم المشوح، هو الأبرز إذ دعا إلى ضرورة إنشاء مركز وطني يقدم خدمات لوجستية للتعامل مع ما يحاك إلكترونيا لإلحاق الضرر بالمجتمع السعودي. وكان للأرقام والإحصائيات التي عرضت في الندوة من خلال أوراق المتحدثين، أهميتها في تشخيص الخطر الإلكتروني الموجه للمملكة، إذ ذكرت الأرقام بأن 129 ألف تغريدة ممنهجة ومسيئة للسعودية تبث يوميا في "تويتر"، ليس ذلك فحسب بل إن الحسابات الوهمية التي يستخدمها "داعش" جزءا منها. وتقدر هذه الحسابات بـ200 مليون حساب وهمي بما يعادل 40% من المعرفات المستخدمة لـ"تويتر"، منها نحو 30 ألف حساب وهمي في "تويتر"، يملكها التنظيم الإرهابي. "داعش" الذي وصفه المتحدثون بأنه يتبع سلوك القاعدة، إلا أنه يستخدم التقنية الحديثة في ذلك، يوجه حساباته الوهمية إلى المملكة فيما يقدر عدد مستخدمي "تويتر" من داخل السعودية بنحو 7 ملايين معرف. وبالعودة إلى المشوح، فقد استند في مطالبه بضرورة إنشاء المركز الوطني للخدمات اللوجستية لما رصدته حملة السكينة أخيرا من تقارير تصدر عن مراكز خارج المملكة تحمل إحصاءات وصفها بأنها "كاذبة"، مستشهدا بتقرير ذكر بأن 92% من السعوديين في "تويتر" متعاطفون مع "داعش". إلى جانب رئيس حملة السكينة، تحدث أيضا مدير مركز محمد بن نايف للدراسات الاستراتيجية الدكتور حسين القحطاني، وأحمد حسن موكلي، فيما أدار الجلسة الدكتور عبدالملك الشلهوب وتناول المتحدثون جوانب مختلفة من الإرهاب المتمثل في "داعش" الإلكتروني تحديدا. وقال الدكتور القحطاني، إن الإرهاب وليد التطرف، مؤكدا بأن الحل الأمني لمواجهة الإرهاب هو الأنجع للقضاء على هذه الآفة، مستدلا بالنجاحات المتتالية التي تحققها المملكة في ردع الإرهاب منذ زمن بعيد، معتبرا التحدث مع الإرهابيين لا يعجل بالقضاء عليهم. لكن المشوح وفيما يخص المناصحة أو التحدث مع المغرر بهم، أكد بأن أول ما يمكن أن يقوم به المخاطب لهذه الفئة، أن يركز على الجوانب الإنسانية وتذكير هؤلاء بأن لديهم أسر تنتظرهم وما إلى ذلك من أساليب، والبعد كل البعد عن الخوض في الشرع، مشيرا إلى أن هذه الأساليب حققت نتائج جيدة. المتحدث موكلي، اعتمد في ورقته على الأرقام والحقائق وكان له رأي فيما قرأه منذ إرهاب القاعدة وحتى اليوم، مبينا أن السلوك القاعدي ينتهجه "داعش" تماما، إلا أن الأخير طبق تلك السلوكيات في قوالب التقنية الحديثة، الأمر الذي وصفه بأنه نقلة تطويرية في الإرهاب، مشددا على ضرورة التركيز على تعزيز الوعي المجتمعي الواسع للحفاظ على هذه الدرجة العالية من متانة اللحمة الوطنية.