هل لو قلت إن الشعب اليمني يحارب طهران اليوم في بلاده نيابة عن الأمة العربية أكون مجانباً للصواب؟ أم ان الاعتراف بحقيقة شجاعة الشعب اليمني أمر مزعج للبعض الذي لا يرى في اليمن إلا مأساة وفقراً ونزاعاً أهلياً مسلحاً، الشجاعة عند اليمني سياسة وقرار والتزام، كلما ضيقت الظروف عليه انتزع من الظروف ظرفاً صنع منه تحولاً سياسياً يغير به مسار التاريخ، فالشعب الأصيل قد يعاني من الجوع ولكن لا يرضى أن يعاني من المذلة، ومن راهن على البعد الاقتصادي في حسم الأزمة اليمنية ربما يكون رهانه خاسراً فالرهان الناجح في اليمن هو على المواطن اليمني وأصالته وعروبته. صراع القوميات أو الهويات تتجلى صوره في اليمن فالهوية الفارسية تريد دحض الهوية العربية أو جعلها وظيفة تقدم خدمة للمواليد والوفيات، مثل ما هو حاصل في هوية الرافدين العربية، فالهويات الزاحفة على بطونها للقضاء على الهوية العربية، لا تريد أن يكون للعرب أرض أو لغة أو حتى قبيلة، تريد فقط أن نحمل شهادة ميلاد وشهادة وفاة، أعداد تتكاثر وتزول، كحال إخواننا في الأحواز المحتلة الذين تمت إبادة هويتهم العربية ليحيى إنسانها رقماً يابساً خالياً من أي اعتبار ينصف وجوده كصاحب تاريخ يعيش له وفيه. زعماء فارس اسم جمهوريتهم "الجمهورية الإسلامية" أي أن الإسلام هويتها، ودستورها القرآن الذي قاموا بمسح لغته العربية من العقول والذاكرة ومنعوا التعليم بها أو استخدامها للتواصل التجاري والاجتماعي والحكومي، جمهورية الإسلام تحارب لغة الإسلام!! القضية اليمنية لا تحتاج لكثير من العناء وكد الفكر لمعرفة تعقيداتها السياسية ، لكي نستل من هذه التعقيدات حلاً يساوم على بقاء اليمن بلداً موحداً باقتسام النفوذ به لصالح الأطراف الإقليمية الطامحة لاحتلاله وجعله ورقة تفاوض بيدها وسلاحا ترهب به المواطن اليمني أولاً الذي يرفض الاحتلال، وتستخدمه ثانياً لإحداث حالة انشقاق خطيرة في الجسد العربي. الإنسان اليمني وحده هو القادر على رد الاعتبار لأرضه وهويته، وهو الإنسان العربي الوحيد الذي لم تخالط أصالته ونقاءه العربي دماء اجنبية، صفاء عرق يندر وجوده في العالم العربي، هذا المنحى المعنوي ليس تمهيداً لقراءة قصيدة تحرك المشاعر الحرة في النفس اليمنية، ولكنها كلمة إنصاف بحق إنسان انتفض لكرامته وأصالته ولم ينتفض لرغيف الخبز حتى يبتز فيه، إما الجوع أو الاحتلال، فقد عرف رئيسه السابق أصالة هذا الشعب ولعب على منوالها واستمر في الحكم ثلاثين عاماً، واستخدمها أيضاً للرجوع لقوته الوطنية من جديد، فطهران التي راهنت على انتماء يتناقض مع انتماء المواطن اليمني سوف تهزم في اليمن الذي يأكل ويشرب كرامة وشجاعة وليس خبزاً وعجيناً يأتيه من أموال صدقات قم وكربلاء، نحن نشاهد فيلم حرب المواطن اليمني مع الغول الإيراني. فهل نتفرج بصمت؟ لمراسلة الكاتب: malmutairi@alriyadh.net