×
محافظة مكة المكرمة

أمانة جدة تراقب المسالخ وتحذر من استغلال المواطنين

صورة الخبر

عام 1986، الأزرق المهاب، يستضيف بطولة أندية الخليج في عرينه الرياض، تاريخ لا ينسى ولا يمحى، حينما ارتقى سعد مبارك، وأرسل ركنية اليوسف للشباك الكويتية، قال المعلق: سعد مبارك، ألف مبارك. مهنئا الأزرق بأول بطولة خارجية في تاريخه. كانت الممرضة في مستشفى الشميسي تخرج من غرفة الولادة لتقول للأب الأسير تحت دقائق الانتظار يرقب بشارتين: مبارك ألف مبارك، ولد. .. لم يستغرق الوالد وقتا طويلا في التفكير، في اليوم التالي أطلق اسم مبارك على القادم الجديد، تيمنا بالحدثين المباركين في حياته، بطولة زرقاء أولى، وبكر سلالته المنتظرة، أي سعادة شعر بها في اللحظة تلك، حينما احتضن وجه وليده براحتي يديه، قال له: أهلا بك يا مبارك يا وجه السعد. .. في تلك السنوات كانت ملاعب حارات العاصمة في أوج عصورها الزاهية، تجتذب شبان الرياض إلى اللعبة الشعبية الأولى في العالم، وتصدر المواهب اليافعة لفرق المدينة ومنتخبات البلاد، كما يتفجر النفط من صحاريها القاحلة وسواحلها الجرداء إلى الكرة الأرضية كلها، ومن لا يمارس كرة القدم من الشبان، منذ صلاة العصر وحتى غياب الشفق آنذاك، فهو يشكي من شيء حتما، وكذا كان مبارك، الذي ولد بقدمين تنقصهما الاستقامة التامة، وقال الأطباء إن هذا عيب خلقي سيرافقه طوال مسيرته، شب وجه السعد وفي مشيته ميل أشبه بالعرجة إلى الجهتين وتأخر في نموهما، نقله من صفوف ممارسي اللعبة التي رضع حبها في بيت عائلته، إلى متابعيها فقط. .. بعد خمسة أعوام أخرى على صيحته الأولى، في الدوحة القطرية، خالد الدايل حارس الأزرق يتأهب، الإيراني عباس سرخاب لاعب الاستقلال يستعد لتسديد الركلة الترجيحية الأخيرة، بيت عائلة في الرياض، تسمع دقات قلوبهم كقرع الطبول وتمتماتهم بالدعوات كطنين النحل، الأب ينظر إلى صغيره ويمازحه: قل يا رب يصدها، ومبارك يستجيب بسرعة: يا رب (يثدها)، الدايل يقتنص كرة سرخاب في الدوحة، وعائلة العاصمة تقفز فرحا وتمتص كل الأوكسجين في الأرجاء، مبارك ذو السنوات الخمس، يطلق صرخته الثانية ويهرول متمايلا إلى حضن والده، دون أن يعي تماما أي مجد كُتب مع تلك القفزات العائلية. .. رغم الإعاقة التي رافقته منذ سنواته الأولى، إلا أنها لم تثنه عن مرافقة الهلال أينما حل وارتحل، يقول مبارك: أكثر موقع إلكتروني أزوره على "النت"، موقع الخطوط السعودية، سافرت خلف الهلال إلى كل مدن السعودية، وهتفت خلفه في مسقط، المنامة، الكويت، وسيئول، ولو لعب الهلال في القمر لسافرت خلفه، يضحك وهو يستذكر روائع هلاله: عام 1995 في نهائي البطولة العربية بين الاتحاد والهلال، كنت أرتجف من الخوف أثناء ركلات الترجيح، والدي إلى جواري في المدرجات، وعزيز أوزكات يتقدم لتنفيذ الترجيحية الثالثة التفت علي أبي وقال: قل يا رب (يثدها)، قلت كما قال، وصدها العواد، قفزت فرحا ومشهد الدوحة يمر أمام عيني بكل تفاصيله. دمعتان متحجرتان تلتمعان في عينه يغالب سقوطهما بالنظر إلى ساقيه، ويتابع: كم تمنيت أن أكون سليما لألعب للهلال، وصدقني لن يخسر الأزرق وأنا في صفوفه وفي قلبي ما فيه من عشق له. قلت له: لماذا الهلال؟ أخرج صورة من هاتفه المحمول نقلها من أرشيف العائلة، لطفل وليد مُهد بشال الهلال، أشار بسبابته إليها، وأجاب بحزم: ولدت هلاليا.