تتحرك إيران روحاني في اتجاه تركيا، بعد التغيرات في مصر التي أطاحت بالحليف المحتمل وما قد ينتج عن ذلك من إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة وتأثيرها على المشاريع الإيرانية التي كلفتها الكثير حتى باتت دولة على حافة الإفلاس لإنفاقها جل موارد الدولة على الترسانة العسكرية وبرامج التمدد في الخارج. وعدم ترحيب طهران بما حدث في القاهرة أسبابه مفهومة وسهلة القراءة، رغم عدم التوافق المعلن والمنافسة الخفية على النفوذ في المجالات الحيوية، ولهذا انزعجت من الحدث ورأت فيه خسارة تستوجب التحرك نحو تركيا غير المرتاحة لتدخل المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية المصرية، من أجل استثمار مزاج عدم الرضا لإيجاد صيغة تخدم أهدافها في المنطقة أو على الأقل تسهم في تخفيف الضغط الخارجي عليها وإقليميا ودوليا. لكن هل تدرك إيران أن رد الفعل التركي تجاه ما يجري في مصر لا يغير سياستها الاستراتيجية نحو أصدقائها وجيرانها العرب الذين تجمعهم معها مشتركات أكثر مما يجمعها مع إيران إلى جانب مسؤوليتها المتفقة مع وزنها وحضورها، فتركيا دولة مهمة في المنطقة ولن تستصغر نفسها لتركب في قطار الأطماع الإيرانية الذي تدفعه شهوة الهيمنة ونزعة الانتقام من أحداث تاريخية لم يسهم فيها أهل هذا العصر. لقد أثبتت السياسة التركية أنها أكثر وعيا وأعمق رؤية من أن تنساق وراء هذ التيار المتخاصم مع الاستقرار والتنمية، وستبقى مع الاعتدال العربي القوى المحافظة على سلامة المنطقة وفتح الآفاق أمام شعوبها لتبادل المصالح والمنافع.