شهدت الرياض، الأسبوع الماضي، حراكا سياسيا خليجيا غير اعتيادي، التقي فيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أميري الكويت وقطر وولي عهد أبوظبي الذي كان لافتا أن يستقبله الملك بنفسه في مطار الملك خالد الدولي! هذه اللقاءات السياسية المكثفة والرفيعة المستوى تؤكد أن الرياض بصدد تعزيز انسجام الموقف الخليجي الموحد تجاه أحداث المنطقة العاصفة، وتدرك أن منطقة الخليج لا يمكن أن تكون بمعزل عما يجري في اليمن والعراق وسوريا وليبيا، خصوصا أن الرابط الذي يجمع بين الحوثيين والقاعدة في اليمن والداعشيين في العراق وسوريا وليبيا هو الحالة العدائية تجاه المملكة ودول الخليج العربية! في اليمن، تقف المملكة موقف المراقب الحذر لعاصفة تلتهم نفسها، فالحوثيون لا يمكن أن يستوعبوا الحالة اليمنية المعقدة دون الدخول في حرب أهلية طاحنة لا منتصر فيها، وعاجلا أو آجلا سيضطرون للجوء للجار الكبير لمساعدتهم على الخروج من أزمتهم! وفي الحالة الداعشية، يترجم الواقع ما حذرت منه المملكة طيلة سنوات من تقاعس المجتمع الدولي عن التعامل بجدية مع أحداث سوريا والعراق، ففي سوريا وقف العالم موقف المتفرج على جرائم النظام السوري والتدخل الإيراني ذي النفس الطائفي، بينما تجاهل في العراق تحول نظام الحكم إلى نظام طائفي يقوم على تهميش مكونات الشعب العراقي الأخرى، مما خلق البيئة الحاضنة لتنظيم متطرف مثل داعش يتغذى على مشاعر الغضب والكراهية! أسبوع الرياض السياسي الحافل سينعكس على أسابيع أحداث المنطقة القادمة، وبعبارة أخرى ملامح التحالف الإقليمي القادم لضبط انفلات أحداث المنطقة رسم في الرياض وستنعكس صورته في عواصم المنطقة!.