منذ استيلاء الحوثيين على العاصمة التي تتوسط اليمن، في 21 سبتمبر الماضي، تأثرت المصالح الخدمية وتعطلت الحياة السياسية ليس لصنعاء فحسب، وإنما لكافة محافظات اليمن أيضا، وهو ما يكرس مركزية الدولة اليمنية في صنعاء. وسيطر الحوثيون على مؤسسات رسمية في صنعاء، في أعقاب حصار للعاصمة دام شهرا، واشتباكات مع مقاتلين وقبائل انتهت بمقتل أكثر من 270 شخصا. ورغم تعليقات كثير من المراقبين للشأن اليمني بأن الحوثيين لا يمكنهم حكم اليمن إلا أن رمزية السيطرة على العاصمة في اليمن ربما تكون أكبر من أهمية العاصمة لأي بلد آخر. ولأن صنعاء يتمركز بها جميع الخدمات العامة في اليمن من تعليم وصحة وغيرهما إلى جانب مقر البنك المركزي اليمني، فقد تأثرت هذه الخدمات، ولاسيما القطاع الصحي منها، حيث كانت صنعاء تمثل حلقة الوصل في ربط المحافظات الأخرى بالإمدادات الطبية. كما أن الانفلات الأمني الواسع الذي يهدف لتفكيك مؤسسات الدولة، بدأ من صنعاء التي تتواجد بها المقرات الرئيسية لأفرع القوات المسلحة اليمنية إلى جانب وزارة الداخلية. ورغم ذلك ينظر إلى الوضع الأمني في صنعاء باعتباره الوحيد من بين عدة عوامل تشكل عائقا لوجستيا لنقل العاصمة. ويشار إلى أن الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، الذي عمل على إضعاف القيادات الجنوبية وتهميشها، كرس معظم المعاملات الخدمية، العادية منها والضرورية في صنعاء، حتى أصبحت صنعاء مقر صنع القرار وتقديم الخدمة أيضا، وهو ما أثار حفيظة الجنوبيين حينذاك. ولذلك لا تشكل المطالب بإعلان محافظة أخرى عاصمة لليمن، أية مشاكل نفسية على الجنوبيين الذين ارتبطوا تاريخيا بعدن، وهي العاصمة الاقتصادية والشتوية للبلاد، والتي كانت عاصمة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية في الفترة من 1967 إلى 1990.