«داعش»، كتبت لوحة الاحتفال بالذكرى الرابعة لثورة 17 الليبية باللون الذي يجسد هويتها، وبالأجساد المقطوعة الرؤوس في وسط ليبيا وتحديدا بمسقط رأس معمر القذافي - سرت - والضحايا مصريون. المشهد صاعقة رهيبة أحرقت بقايا الحلم الذي ملأ وجدان الليبيين يوم نهاية نظام القذافي، الحلم بوطن يفيض حرية وسلاما، وتنمية وديمقراطية. ساح العنف الدموي فوق رقعة البلاد. الجميع يحمل السلاح، القتل هو القائد والزعيم، صراع بين رفاق ثورة فبراير (شباط)، الدم آيديولوجيا تسكن النفوس وتحرك القاصرين عقلا وعمرا ووعيا. ليبيا بلا حكومة بلا دولة، بلا عقل. حلم الليبيون بدولة حديثة، ضاع الوطن. تدافع المتطرفون من كل حدب وصوب نحو الفراغ، الفراغ السياسي والإداري والأمني والعسكري. تقافز المتأسلمون للسيطرة على مفاصل البلاد، استولوا على السلاح الليبي والمال وفتحوا الأبواب لكل التنظيمات والأشخاص المتطرفين من داخل ليبيا وخارجها كي يؤسسوا لهم دويلات داخل اللادولة. انهار المجتمع المنهك وتلاشت كل قوى المقاومة الذاتية المدنية بين لاجئ ونازح ومعتقل ومخطوف. مذبحة الأقباط المصريين هي الضربة الدموية التي كتبت بها داعش (البيان الأول)، بيان الاستيلاء على رقبة الوطن الليبي بقوة الذبح. الأسئلة التي لم يرفعها الصوت الداخلي في ليبيا، ولم يطرحها المراقبون الأجانب هي: كم من البقع التنظيمية المتطرفة المسلحة فوق مساحة الأرض الليبية. أين هي جغرافيًا، وما مخططها العملياتي على المدى المنظور، ما ارتباطاتها الإقليمية والدولية؟ ماذا تريد في الداخل الليبي وفي المغرب العربي وغرب أفريقيا؟ ما مخططها نحو مصر؟ جاءت ردود الفعل متعددة ومتنوعة بعد المذبحة البيان، مصر شنت غارات جوية على درنة، فرنسا تعاطفت مع الموقف المصري السياسي بالتوجه إلى الأمم المتحدة لقرار بالتدخل الدولي في ليبيا، إيطاليا لها الرغبة وليس لديها القدرة، الاتحاد الأوروبي مشتت الاختيار ومرتعش القرار. من التجربة التي عشناها، ويعيشها اليمن والعراق وسوريا، وعلى الجانب الآخر عاشتها تونس ومصر، نتجرأ بكتابة «روشتة» أي وصفة سياسية وعسكرية لإنقاذ ليبيا: أولا: تفعيل الحوار الوطني تحت مظلة الأمم المتحدة من أجل المصالحة بين أطراف الفعل السياسي والعسكري في ليبيا، وتشكيل حكومة وحدة وطنية هدفها إنقاذ الوطن من المذبحة التي ستطول الجميع. ثانيا: العمل المكثف لإنشاء جيش وطني غير آيديولوجي أو قبلي أو جهوي محترف ولاؤه للوطن بقيادة ضباط محترفين، وضمان دعمه بالسلاح من الدول الحريصة على استقرار ليبيا. ثالثا: استعادة التحالف بين قوى 17 فبراير من بنغازي والزاوية والزنتان ومصراتة وطرابلس والجبل الأخضر والجبل الغربي وغيرها من المناطق التي شاركت في ثورة فبراير، تكون هذه القوى الضامن لكل الخطوات العملية على الأرض. رب ضارة نافعة. بيان «داعش» الدموي مطرقة تضرب رأس الجميع، كل الذين يتصارعون على المال والسلطة، هم خيال عابث يعارك السراب، وطن لا يوجد، سرقت ثرواته، استبيحت أرضه ودماء شعبه لا يحتاج لحاكم، يحتاج إلى استعادة ذاته. رابعا: التدخل العسكري الجوي لن ينقذ ليبيا، قد يشفي غليل الغضب ويدمر بقع العنف، لكن لن يساهم في تأسيس وطن تلاشى. القوة العسكرية الوطنية على الأرض هي قوة الفعل الحاسمة التي تجيب عن كل الأسئلة التي سفحها الدم على الأرض وعلى صفحة الحلم الليبي بوطن جديد، وطن الحرية والأمن والتنمية.