نحتاج كمشاهدين بالتأكيد لوجود قنوات اخبارية تكرّس جهدها ووقتــها لملاحقــة كل الأحداث في منطقــتــنا العربـية والعالم خصوصاً في هذه الأيام التي تشهد تطورات عصيبة يمُر بها غير بلد عربي. مع ذلك نلحظ أن تكرار تقديم نشرات الأخبار في صورة متوالية يصيب المشاهد بالملل، بل يضعه في شكل مستمر في حالة من التوتر مع كل ما يشاهده ويستمع اليه من أخبار الكوارث والأحداث الدامية. أن نحتاج لسرعة نقل الخبر فور وقوعه شيء وأن يظل الخبر يتوالى علينا طيلة ساعات لا يفصل بين مرات بثه سوى دقائق ليس انجازاً يعتدُ به، بل هو يحقق فعلياً عكس الغاية المرجوة منه. ويقيناً أن نشرات الأخبار وطرق بثها تحتاج من بعض القنوات الإخبارية العربية لوقفة جدية يراجع خلالها المسؤولون عنها عملهم للخروج بأفكار جديدة تحافظ على تقاليد السرعة في تغطية الأحداث وتخرج في الوقت ذاته من حالة «الإلحاح» على الخبر أو لنقل بدقة أكثر مجموعة الأخبار التي تتكرر بذاتها، وأن يعوّض عن ذلك بوضع الخبر الجديد أسفل الشاشة كـ «خبر عاجل». تطوير النشرات الإخبارية وتمكينها من تغطية كل الأحداث الجديدة لا يعني أن تضع المشاهد في حالة حصار دائم وكأنه بات كائناً إخبارياً عليه أن يظل مسمَراً أمام الشاشة الصغيرة منتبهاً بكليته لما تقوله له من أخبار بات النادر منها يحمل له بعض المسرَة في حين يطفح معظمها بما يحيل يومه الى جحيم لا تخفف منه ابتسامات المذيعين والمذيعات. ما نقوله هنا ليس موجهاً لقناة فضائية بعينها، لكنه يشمل معظم القنوات إن لم نقل كل القنوات، وهو نقد يستوحي الفكرة الأساس من البث التلفزيوني عموماً وهي امتاع المشاهدين في منازلهم وتقديم المعلومة لهم في الوقت ذاته من دون إرهاق. التلفزيون بما هو وسيلة اتصال أولى للمشاهدين العرب مع العالم الخارجي لا يحتمل كل تلك الصرامة والتجهم التي تحملها له الشاشة الصغيرة اليوم، والتي باتت في السنوات الأخيرة عبئاً على الحياة اليومية للناس حتى بات طبيعياً أن يقول لك كثر منهم إنهم لا يشاهدون نشرات الأخبار إلا نادراً. هي ملاحظات من موقع المشاهدة اليومية، نكتبها ونردد قول الشاعر العربي: لكل شيء إذا ما تمّ نقصان.