السعوديون من الشعوب التي تعشق السفر فما أن يكون هناك إجازة إلا ورأيتهم قد ربطوا الأحزمة وانطلقوا الى أرض الله لايردعهم إلا مدة الإجازة فتجدهم في كل مكان في العالم ابتداء من الدول العربية مروراً بالدول الآسيوية والإفريقية والأوروبية انتهاء بالأمريكتين وفي كل تلك الدول تجدهم مثال الانضباط والالتزام بالأنظمة والقوانين ومثالاً يحتذى به في احترامها. بل تجدهم حريصين على أن تكون معهم كافة أوراقهم الثبوتية جاهزة ومستوفية الشروط ومصاحبة معهم في كل مكان يتجهون إليه بل تجدهم يقفون في الطوابير بانتظام وينتظرون دورهم في المراجعة ويقفون في الأماكن العامة بكل احترام لدرجة أن من ينظر اليهم وهم في تلك الحالة ينظر إليهم بإعجاب ويتساءل هل هم هكذا في بلدهم؟. لكن معظمهم عندما يعودون الى المملكة تتغير الحال ٣٦٠ درجة وكأنما هذه الصفات التي كانوا يتصفون بها في السفر أمر مؤقت للاستخدام الخارجي فقط فيخلعونها عنهم ويقفلون عليها في حقيبة السفر حتى الرحلة القادمة ،فما إن تقف الطائرة في المطار وإلا تبدأ الحالة القديمة قبل السفر ،المزاحمة والدفع عند بوابات الطائرة للخروج أولاً وما يلحقها من زحام وفوضى عند وصول الحقائب والتدافع أمام بوابات الجوازات وهكذا حتى الخروج من المطار. قس على ذلك الكثير من عدم الالتزام بالأنظمة فلو توقفت أمام سائق أي سيارة وطلبت منه أوراقه الثبوتية ستجد أن رخصته انتهت أو استمارة السيارة أو ليس لديه رخصة أساساً ،تجده يقف في أماكن ممنوع الوقوف فيها أو أماكن خاصة بالمعاقين، في عمله تجده يأتي متأخراً ويخرج مبكراً ولو تأخر في العمل قليلاً تجده يحتج على هذا التأخير ويطالب بتعويضه على نصف ساعة وهو في الأساس متأخر ساعتين. الالتزام بالأنظمة واحترامها هي ثقافة مجتمع ترسخ من خلال الممارسة المستمرة والنظر اليها بأنها أمور لايمكن الاستغناء عنها لأنها تصبح في وجدان المجتمع بل قد تصبح من العادات والتقاليد التي يتسم بها ذلك المجتمع لذلك تجد من يخرج عليها في تلك المجتمعات شخصاً مرفوضاً. فهل حالتنا هذه لها علاج؟ اسأل علماء النفس والمتخصصين، وما تسمى هذه الحالة؟ وهل نشأت معنا، أم انها مكتسبة بسبب عدم التطبيق بجدية لهذه الأنظمة.