سمير حسن-باب المندب استيقظ سكان بلدة باب المندب اليمنية قبل أسبوع على أصوات استغاثة للاجئين أفارقة، كتبت لهم النجاة بعد غرق قارب كان يقل طالبي لجوء -بينهم أطفال ونساء- فروا من ويلات الحروب الأهلية وجحيم الفقر والجوع في بلدانهم إلى مصيربائس آخر. وبحسب رواية الأهالي المقيمين بالمنطقة، فقد فوجئوا الاثنين الماضي مع ساعات الفجر الأولى بحادثة غرق القارب وعلى متنه ما يقارب 49 من الأفارقة عند الساحل اليمني قرب منطقة باب المندب التابعة إداريا لمحافظة تعز. ووفقا لرئيس الجمعية الأهلية لدعم مكافحة تهريب البشر في مديرية باب المندب محمد سالم العبدلي، فقد لقي 37 لاجئا حتفهم عقب غرق القارب، معظمهم من الأطفال والنساء، مشيرا إلى أن الحادث وقع أثناء محاولة من كانوا على متن القارب التخلص من شباك صيد علقت بمحرك القارب. تفاقم الظاهرة وقال للجزيرة نت إن بعضا ممن تم إنقاذهم -وعددهم 12 لاجئا- أفادوا بأنهم أثناء محاولتهم التخلص من هذه الشباك انتقل من كانوا على متن القارب إلى الجهة المقابلة وتجمهروا في ناحية واحدة، الأمر الذي أخل بالتوازن وأدى إلى انقلاب القارب بمن فيه. وأضاف "من يقومون بعمليات التهريب لا يكترثون بسلامة هؤلاء البشر، ومثل هذه الحوادث على طول السواحل اليمنية تتكرر باستمرار، وأصبحت تشكل كارثة إنسانية كبيرة، في ظل تفاقم الظاهرة، وتواطؤ واضح من قبل مسؤولين أمنيين وجهات رسمية في المنطقة تغض الطرف عن محاسبة مرتكبيها". وكانت الجزيرة نت حاولت تعقب أثر الناجين من حادث الغرق، غير أن مصادر أمنية في المنطقة أكدت قيام السلطات بنقلهم إلى سجن الأمن المركزي بمحافظة تعز، باستثناء أربعة منهم أصيبوا في الحادث وتم نقلهم إلى مستشفيات مخيم خراز للاجئين بمحافظة لحج، ورفض القائمون على المخيم إعطاء الإذن للقائهم بحجة أن حالتهم الصحية لا تسمح بذلك. ارتفاع الوفيات وتأتي هذه الحادثة بعد أسابيع قليلة من كشف المفوضية العليالشؤون اللاجئين في اليمن في أحدث تقرير سنوي لها عن وفاة نحو 246 شخصا في حوادث غرق متفرقة خلال العام الماضي من إجمالي 91592 لاجئا وصلوا إلى الشواطئ اليمنية خلال عام 2014. وبحسب ممثل المفوضية يوهانس فان دير كلاو، فإن عدد المهاجرين واللاجئين المسجلين في اليمن بلغ أكثر من ربع مليون (257645) لاجئا، الأغلبية العظمى من الصوماليين،ثم يأتي الإثيوبيون، والإريتريون، والعراقيون، والسوريون، وآخرون من جنسيات أخرى. وقال فان دير كلاو للجزيرة نت "من المؤسف ينتهي 2014 بالمزيد من الوفيات ممن ماتوا في البحر الأحمر وخليج عدن، وعددهم فاق أعداد الوفيات في أي وقت مضى، مما يجعل العام المنصرم الأكثر دموية في الذاكرة الحديثة". وأشار إلى أن الحد من هذه الكارثة المأساوية يتطلب إيجاد المعالجات لأسباب المخاطر باتخاذ إجراءات قوية تجرم ممارسات المتاجرين والمهربين للبشر، خاصةالتهريب عن طريق البحر لما له من مخاطر كبيرة، ومعالجة الأسباب التي تجعل الناس يتركون بلدانهم. وأضاف "لا يمكن للحكومة اليمنية معالجة المشاكل المتعلقةبالمخاطر للوافدين وحدها، نحن بحاجة إلى إستراتيجية شاملة لخلق اهتمام حقيقي بالحماية الإنسانية، تتعاون فيها جميع الأطراف، ومنها بلدان المنشأ وبلدان العبور والبلدان الحاضنة للاجئين بعد بلد العبور". تدفق مستمر من جانبه، قال مدير المنظمة الدولية للهجرة بمدينة عدن ماركو كيمنتون إن عدد المهاجرين إلى اليمن شهد منذ عام 2013 ارتفاعا كبيرا وبنسبة 80% مقارنة بعدد اللاجئين الواصلين خلال العامين الماضيين، معربا عن اعتقاده باستمرار هذا التدفق بشكل أكبر في السنوات القادمة. وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن هذا التدفق المستمر والمتصاعد للمهاجرين أصبحت له أعباء وتكاليف غير سهلة. وقال إن "المنظمة تحاول العمل بالشراكة مع الحكومة اليمنية على التخفيف من المعاناة في ظل الإمكانات المحدودة والمتاحة". وأضاف "ليس بمقدور الحكومة اليمنية أو المنظمة حل جميع مشاكل الهجرة، أو أن تفي باحتياجات جميع المهاجرين الكثيرة، لذلك نحن فقط نعمل على مساعدة الفئة الضعيفة من المهاجرين، ونحاول أن نغطي سواحل البحر الأحمر وجزءا من شواطئ خليج عدن".