ثارت بعض القضايا خارجياً على المملكة وأغلبها متعلقة بحقوق الإنسان من جهات لا تعرف الوقوف أمام المحاذير الدينية أو الثقافية، وتعزى كل محظور لدينا بالجانب السياسي: المطالبة بإغلاق المحلات عند الصلاة تراه تلك الجهات بأنه منع سياسي، وتجريم التعدي على الدين تصفه بأنه انتهاك صريح لحرية الفرد بالاعتقاد، اختلفت المرجعيات وقدسيتها وأصابنا جور هذا الاختلاف بدون أن ننعم بحرية الاختلاف واحترامه. أصبحت الانتخابات في بعض الأمم البعيدة والقريبة ديناً بل أكثر قدسية من الدين، لذا جاز لتلك الأمم تكفير من لا يطبقها، والاحتكام إليها هو الخط الفاصل بين الجنة والنار، وذلك يعود لحسابات عقل الإنسان الذي ألّه ذاته فهو وحده الملك العادل، إن ظلم فتلك تجربة لا نعرف بطلانها إلا عندما تحترق شعوب وبلدان بنار العقل مثل مانشاهده من فوضى ودمار في العالم العربي في سبيل الجهاد نحو صناديق الاقتراع والاختيار، فالديمقراطية العربية من أخفق فيها قتل ومن نجح ظلم، حق اختيار عدمي، إما نظلم أو نموت فالاختيار فقط بين الظلم والموت، مسار الهلاك هذا هو ما يحاكمنا عليه العالم إنسانياً بسبب عدم تطبيقه. وسواء كان هذا المختلف سعودياً أو أجنبياً، لا فرق في قيمة الاختلاف بين هوية وهوية، فلم تعد الجنسية تعبيراً عن انتماء بل مصلحة يتم المساومة عليها، وغير ذلك تكون تقليداً عفى عليه الزمن في الثقافة العولمية اليوم، فانكار الانتماء الديني أو الوطني بطولة تستحدق الجوائز الدولية، فالشاطر هو من يرمي حجراً على معتقده، تزايد أعداد الشطار لدينا بفضل دفع المنظمات الدولية الإنسانية لهم كي يعبروا عن مخالفتهم لقيمهم بكل وقاحة وسقوط، نجحوا في ذلك ربما، فقد عرفوا أن يبيعوا سقوطهم في أسواق العالم التي تنتظر مثل هذه البضائع بكل حماسة وامتنان، مازلنا في الحديث عن المختلف معنا ولم نذكر هل أزعجنا هذا الاختلاف أم رضينا به، الحقيقة الشيء المزعج ليست الجهود التي تعمل ضدنا، بل ضعفنا في التعبير عن اختلافنا مع بعض البشر والدول، وتقاعسنا بجعل اختلافنا معهم قيمة تعارض اختلافهم باحترام وتفرض عليهم احترامهم لاختلافنا معهم، ان يتعدى عليك غير ويضرب قيمك الإنسانية بعلة ووجع فهذا عمله الذي تقتضيه طبيعة فهمه للاختلاف، والذي بنى له حيزاً في خريطة العالم وأوجد له تربية إنسانية ولساناً فصيحاً يجعل الاعتراض على قيم البشر نشيداً وطنياً لكل شعوب الأرض، باسم الحرية والدفاع عن حقوق الإنسان يبرر الشذوذ باسم الحرية ويهدم الأخلاق باسم الدفاع عن حرية الاختيار، نقول هذا عمله، ويبقى السؤال عن دورنا في إيجاد نموذج إعلامي ينظر له أهل الأرض بأنه تعبير صادق عن الاختلاف في الشكل والمضمون، وإن لم ننجح في ذلك فالعيب في الجهد وليس في القيم الدينية أو الوطنية.، التي هي حكايتنا مع التاريخ وحكاية التاريخ معنا. لمراسلة الكاتب: malmutairi@alriyadh.net