منذ أيام قمت بتلبية دعوة وصلتني من إحدى رائدات الأعمال السعوديات الأكثر إبداعاً في المملكة، مصممة الأزياء، غدير أفغاني، لحضور معرض عروس الخليج الذي أقيم في دولة الإمارات على مدى 3 أيام، وقد جمع نخبة راقية من مصممات الأزياء الخليجيات. ما تم عرضه كان يفوق التوقعات، عمل يخطف الأنظار على المسرح، تميز بحضور وتألق المصممات السعوديات من كل المناطق من جدة والرياض والخبر والدمام، وكان التنافس فيما بينهن غير حاضر لأن الخطوط التي عرضت كانت مكملة لبعضها، فلكل واحدة منهن لمسات فنية مختلفة عن الأخرى؛ ما بين الزي العربي والخليجي وملابس السهرات والأعراس، أزياء محافظة وألوان جريئة، استمتع بمشاهدتها الجمهور. قدمت هؤلاء المبدعات لوحات فنية عبرن فيها عن حب الوطن، وأجمل ما عرض على خشبة المسرح أثواب محاكة بصور الراحل المغفور له، عبدالله بن عبدالعزيز، طيب الله ثراه، وأخرى بالعلم السعودي، وكان هناك مزج ما بين الزي السعودي مع اليمني بالمغربي والعربي، وتمازج فلكوري رائع، ومن أشهر المشاركات اللائي أذكر أسماءهن إلى جانب غدير أفغاني التي قدمت عرضاً تفوق على دور الأزياء العالمية بجودة اللون والأقمشة والموديلات، المبدعة ليلى الدوسري، من الخبر، التي قدمت العباءة الخليجية بطريقة جريئة وأنيقة، بتفرد، وكذلك لفت انتباهي أزياء أمل الغامدي، وأميمة عزوز التي قدمت أيضاً تشكيلة راقية من العباءات والملابس العملية المحافظة، والمستوحاة من العادات والتقاليد وغيرهن كثير. كان الجمال حاضراً، لكن الأروع من ذلك الطموح لهؤلاء السيدات المشاركات كان أقوى، والجدية في عملهن ورغبتهن في انتزاع لقب مصممة أزياء عالمية وبجدارة، أقصى ما يمكن قوله إنهن يردن الاعتراف والسمو بهذه المهنة كونها فناً راقياً، ومهنة ترتقي إلى مستوى إحداث التغيير، فعندما تقدم المرأة السعودية التصاميم المحافظة المستوحاة من بيئتنا العربية؛ فإنها بالفعل تحدّث مجتمعاً بأكمله، وتحافظ على عاداته، كما أن الفرصة أيضاً قوية أمام أفكارهن بأن تغزو هذه الخيوط السعودية الدول الأخرى. كانت تقول لي غدير أثناء هذه العروض: "هذه النخبة الرائعة من السعوديات أحق بأن يصدّرن هذه الأفكار للخارج، ونكف عن استيراد ملابسنا، فالملابس هي فكر أكثر من مجرد موضة". اتفق معها، فنحن لدينا مصممات يفهمن طبيعة المجتمع، ويستطعن أن يصنعن ثروة وطنية بهذه الأفكار والمشاريع. كما سعدت أيضاً بالحديث مع المبدعة أميمة محمود عزوز، رئيس لجنة مصممات الأزياء بالغرفة التجارية الصناعية بجدة، التي وضحت الاهتمام الذي تقدمه الغرفة لهن من أجل دعم هذا القطاع المهم، ومع وجود لجنة لمصممات الأزياء أمر رائع ومحفز، ويدعو للفخر أن هناك جهة ترعى هذه الإبداعات، ونتمنى أن تتطور هذه اللجنة لتكون يوماً ما مؤسسة تهتم وترعى وتسوّق هذه العلامات التجارية السعودية لتغزو العالم، وجهات أيضاً تحافظ على حقوق الملكية لهذه الخطوط والأعمال. خلال هذا اليوم الذي قضيته وسط نخبة من الرائدات يدفعني إلى القول بأننا أمام ثروة وقطاع مهم يحتاج إلى مزيد من الدعم والتمويل والتأسيس. إنه لا يقل أهمية عن أي قطاع آخر، مع وجود هؤلاء النساء المتميزات، إن المرأة السعودية متفوقة ولديها ذوق جميل منفرد في التصاميم، لذلك لابد من التوقف أمام تهميش هذه المهنة، ونعمل دائماً على أخذ مطالبها بمحمل الجد. إنه إبداع يحيك قدرة المرأة السعودية على منافسة دور الأزياء العالمية، وعلينا أن نحيي كل واحدة منهن استطاعت أن تمثل اسم بلدها تمثيلاً مشرفاً في المحافل الدولية والعالمية، وأن تصنع التميز من بيئتها العربية الأصيلة. هي دعوة لنا أيضاً لإعطاء فرصة لهن بالتوقف عن متابعة دور الأزياء الفرنسية والإيطالية والعالمية، وتقديم الدعم للمرأة السعودية.