حسب دراسة للمكتب التنفيذي لمجلس وزاراء الصحة الخليجي عدد الوفيات في المملكة بسبب الأمراض الناتجة عن السمنة هو 20 ألفا سنويا، ودراسات تقول «إن نسبة البدانة في المملكة تزيد عن 50 في المئة»، ومن الملاحظ مؤخرا كثرة من يناشدون الجهات المعنية عبر الصحف، ومواقع التواصل الاجتماعي مساعدتهم للعلاج من البدانة المفرطة التي عطلت حياتهم بالكامل، وللأسف تغطية قصصهم تتوقف فقط على توفير جهة تتكفل بعلاجهم، ولا يتم التعرف على الأسباب التي أدت إلى وصولهم إلى مثل هذه المرحلة الخطيرة من زيادة الوزن لكي تحصل انتباهة وعي لمن يسير على ذات الطريق، ولا يتخيل أنه يمكن أن يصل إلى تلك المرحلة الحرجة من البدانة التي تعطل حياة الإنسان بالكامل، وأكثر من هذا لا يزال التعاطي مع مشكلة البدانة تعاملا طبيا سطحيا، ولا يوجد بحث في الأسباب الثقافية المتعلقة بالثقافة الشخصية والاجتماعية السائدة حول طريقة الحياة الصحية، ولا يوجد بحث في المستوى الأعمق حتى من الثقافة العامة، وهو مستوى الأسباب الجوهرية الروحية للبدانة فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا عظيم البطن، فأومأ بأصبعه إلى بطنه وقال «لو كان هذا، في غير هذا، لكان خيرا لك»؛ أي لو كان هذا التضخم الزائد المتولد عن الاهتمام الزائد بالأكل هو في مكان آخر أي في وجه آخر من الاهتمامات الجوهرية كالاهتمامات الروحية والمعرفية وأنواع المساعي المفيدة لكان أفضل لهذا الشخص، ولهذا قديما كانت البدانة لها معاني سلبية ليس لجهة الشكل وتأثيرها السلبي على الصحة العامة إنما لجهة ما تدل عليه من عدم نضج في الصفات الجوهرية والروحية للشخص، وافتقاره لفضائل أخلاقية وروحية كضبط الشهوة وترشيدها بقوة الإرادة وليس بوسيلة صناعية كتدبيس المعدة، وعدم الإسراف على النفس، والتصدق بالزائد، والاعتدال والتوسط والزهد.