طبعاً دائماً الحديث عن نهاية أمر ما إلى الأبد أمر فيه تسرع.. حين بدأت الانتفاضات العربية قال الكثيرون إن القاعدة انتهت، وإن الإسلام السياسي إلى زوال، وإننا دخلنا في عصر الشباب وروحه واستعجل حتى بعض المفكرين حين طرحوا نهاية الإنسان الأصولي وبداية الإنسان الفاعل أو المدني أو الناشط أو إنسان التقنية، لكن الواقع نقض هذه التحليلات إذ سرعان ما تبين أن الواقع لم يتغير كثيراً.. بقيت القاعدة وانتشرت ونشطت ونشط الإسلام السياسي ووصلت حركة الإخوان إلى سدة الحكم في أكثر من دولة وانهار الفكر المدني وحبس التنور المدني والمعتدل وأصبحت الظاهرة متسيدة من المتطرفين والمتشددين. الآن تعود نفس الدوامة حين عزل الشعب المصري جماعة الإخوان ورموزها يطرح البعض نهاية الإخوان المسلمين أو نهاية الإسلام السياسي وهذا تحليل فيه تسرع، لأن هذه الجماعات تتوالد بكثرة ولا لبثت خلاياها أن تتجدد، وهي جماعات خبيثة تحاول أن تصل إلى الحكم حتى لو استكانت وضمرت، وهذا منظّر بارز في القطبية الإخوانية وهو محمد قطب يقول: "إن المشروع الإسلامي بطيء ولكن أكيد المفعول"، فهم أخذوا بالمبدأ الإيراني حيث يحيكون المشروع طويلاً كما تحاك السجادة، الفرق إن الإيراني يستطيع أن يصل بنجاح بينما الإخواني يفشل دائماً وها هو الفشل الأخير يسحقهم لكنه لا ينهيهم، هي ضربة لكنها ليست النهاية حتى لا نخدع أنفسنا أو نركن إلى الهدوء ثم لا نلبث أن نراهم وقد برزوا مرةً أخرى. جماعة الإخوان زئبقية ومتلونة وخطيرة وهي إن وصلت إلى سدة عرش بلد سارع إليها الخراب، وبعزل مرسي فقط ازدهرت مصر وانهمرت الخيرات عليها من أحبابها في كل مكان، وصعدت البورصة والسياحة مرشحة لأن تكون قوية في الأشهر القادمة بعد أن تهدأ الأحداث، هذه الهزيمة للإخوان هي نصر للقوى المدنية في العالم كله، ذلك أنها جماعة كبتت على أنفاس الناس وأعادت مصر في أقل من سنة إلى 500 سنة إلى الوراء، آن أوان المدنية الحقيقية، لا الوحشية ولا الغاب يمكنهما أن يحكما مصر. بآخر السطر، الإسلام السياسي يتلون ويتشكل فلنبق مستيقظين له ولا نظن أنه هزم فله حيله وأدواته من أجل التشكل مراراً، فجماعات الإسلام السياسي زئبقية وفتاكة.