×
محافظة مكة المكرمة

القحطاني يقف على استعدادات الشرطة لمنع المهربين من دخول مكة المكرمة

صورة الخبر

في أم القرى إذا أراد الناس وصف شخص عبوس دائم التجهم والتقطيب قالوا عنه إنه لا يضحك حتى للقرص الحار! ويفهم من هذا المثل الشعبي أن القرص الحار، أي قرص الخبز الخارج من التنور، كان له شأن عظيم عند أفراد المجتمع، ولذلك فإنهم يهشون له ويبشون وتفتر شفاههم عن ابتسامة رضى وفرح بتوفره بين أيديهم، مما يدل على أنه قد لا يتوفر لغيرهم أو لا يتوفر لهم في جميع الأحوال ولذلك فإنهم عندما أرادوا المبالغة في وصف تجهم وعبوس أفراد منهم قالوا عن الواحد منهم: فلان لا يضحك حتى للقرص الحار! وفي هذه الأيام التي أصبح فيها الرغيف الحار في متناول الناس جميعا في بلادنا، ونسأل الله دوام هذه النعمة العظيمة، فإن المثل الشعبي نفسه لم يعد كافيا للمبالغة في وصف المتجهم والعبوس المكفهر الوجه ليل نهار، لأن معظم من يدخلون الى الأفران والمخابز لشراء أقراص من الخبز الحار يفعلون ذلك دون أن تعلو شفاههم الابتسامات العريضة، ناهيك عن الضحك للقرص الحار، مع أنهم ليسوا متجهمين أو عابسين وإنما لأن القرص الحار لم يعد في رأيهم مما يدخل السرور والبهجة إلى قلوبهم لأنه متوفر ويمكن الحصول عليه بأقل جهد وسعر، ولذلك فقد يحتاج المجتمع إلى نحت مثل جديد يساير واقعه الاقتصادي الحالي كأن يقال عن العبوس القمطرير إنه لا يضحك حتى «للأرنب» أي لمليون من الريالات إن دخلت في حسابه، أو أنه لا يضحك للترفيع الى المرتبة الثالثة عشرة على الرغم من أنها من المراتب الوظيفية العزيزة أو أنه لا يضحك حتى عندما تصل الى جدة الخادمة أو السائق بعد انتظار دام عدة شهور أو أنه لا يضحك حتى لو رزق بولد بعد عدة إناث أو بأنثى بعد عدد من الذكور أو أنه لا يضحك حتى لو ضرب بالمداس! وليعلم أبناء هذا الجيل -حفظهم الله ورعاهم- أن العوائل كانت تتهادى الخبز الجاف لأن ما زاد عن حاجة أسرة منه تكون أسرة أخرى بحاجة ماسة إليه «هل نسيتم فتة الهوى؟» ويحدثني زميل تربوي أنه عندما كانت جارتهم تطرق باب دارهم وهم صغار لتقدم لهم صرة من الخبز الجاف فإنهم يصفقون تحية لها من شدة الفرحة بالهدية أو الصدقة، وما زال ذلك الزميل يقول لي إذا التقيت به في مناسبة اجتماعية يكون فيها «تباسي وكوازي وأم علي وخالة سعيد»: لا تنس أيام الصفقة!.