×
محافظة المنطقة الشرقية

عام / انجاز 10% من نفق طريق الأمير محمد بن فهد بالدمام

صورة الخبر

الاتحاد السوفياتي خرج من قوقعة العزلة ليكون أول دولة تعترف بإسرائيل، وضخ آلاف اليهود الأغنياء والعلماء، وأصحاب التجارب التنظيمية والإدارية لإيقاف الاستيطان على قدميه، وبعد الفرز الايدلوجي والخصومات بين الامبريالية والشيوعية في توزيع الأدوار مع دول العالم واستقطابها، شهدنا تحولاً هائلاً في مواقف السوفيات، وفي مدة لا تتجاوز العقد والنصف من زواجهم مع إسرائيل، أصبحوا أنصاراً للعرب، وتحديداً لمن رفعوا شعارات اليسار بأشكاله المختلفة ليكون المزود الأول بالسلاح لهم لخوض حروب هزمنا ببعضها، وانتصرنا بأخرى على إسرائيل، وكانت المؤتمرات والدعوات وأساليب النشر التي بشرت بالانتصار العظيم على معسكر الغرب تغطي الدعايات الهائلة التي غسلت أدمغة الكثيرين، حتى إن التناغم مع أحزاب العالم التي تدور في فلك السوفيات تقابل، عربياً، بالتضامن وخاصة الأحزاب التي تعيش في الغرب، فرنسا وإيطاليا واليونان، التي كانت أكبر التنظيمات المؤيدة لقضايا التحرر والحرية مع أن مواطن تلك الدول كان يعيش رفاهاً اجتماعياً أكثر من دول المنظومة الشيوعية وتابعيها.. في ثقافتنا السياسية العربية نعيش على مفهوم البعد الواحد، أي أن صديقنا يجب أن يبقي هذه العلاقة أبدية، ولا ننظر للأمور بواقعيتها، وأن كل شيء يتغير، فمثلاً الكل يعتب على الهند كيف تذهب لإسرائيل تبادلها التكنولوجيا المتقدمة، والتعاون في صناعة الأسلحة، وفتح أبواب التعاون الاقتصادي، وهي الصديق المحسوب علينا في دول عدم الانحياز، وهذا إرث قديم تعداه الزمن في بناء العلاقات على معاداة الغرب، ومناصرة أفكار الشرق، في حين أن قوائم المصالح المستجدة هي التي ترسم السياسات وتلتقي معها، وإسرائيل لديها ما تعطيه وتأخذه، بينما نحن نأخذ ولا نعطي.. أمريكا أكبر قوة في العالم واللاعب الأساسي، حاورت العدو الصيني من خلال لعبة «البنج بونج» وانتهت إلى أكبر شريك تجاري واقتصادي بالرغم من فتح باب المنافسة بين البلدين لدرجة التجسس على المعلومات وسرقتها واستثمارها، ونحن نعرف أن لنا صلاتنا التي تحددها نسب الرضا والغضب وفق نسيج الأهداف قبل غيرها مع أمريكا وهي القادرة على فرض نفوذها بداعي ما يخدم توجهاتها ومنافعها، ومثلما تبحث عن المكسب السياسي والأمني، وغيرهما، فهي مستعدة للجلوس على طاولة واحدة مع أعتى أعدائها، وهذا ما حدث مع كوريا الشمالية وكوبا رغم منهج الدولتين السياسي ،الذي يرفع شعارات العداء لكن ما يدور خلف الأبواب يختلف عن الشعارات المرفوعة، ولا تبالي إن كان ذلك يؤثر في صداقاتها مع كوريا الجنوبية أو اليابان، ولا يغضب الصين الحامية لتلك الدولة طالما كل شيء يحقق لها أهدافها.. سياسة الرؤية الواحدة بعين غير مفتوحة على آفاق العالم لن تفيد من يريد بناء علاقات فيها تنازلات وتسويات وتوازنات تخضع لدور وقوة كل بلد، فقد حشدت دول عدم الانحياز ومنظمات آسيا وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية قواها في أن تكون محايدة بين صراعات القوتين آنذاك وفشلت، بل إن بعضها حليف لأمريكا وأعضاء في منظومة «الكومنولت» التي مركز قيادتها بريطانيا، وهذه الازدواجية في المعايير خدمت طرفي القوة، وأضعفت دور الدول المحايدة شكلاً والمنحازة موضوعاً.. مبدأ العاطفة في العلاقات الدولية سلوك ساذج وعقيم وليس هناك في هذا القاموس مَن معنا، وضدنا، وهو القياس الخاطئ، لأن معرفتك بالمقابل أياً كان وزنه يفرض التعامل وفق شروط الواقع الراهن، ولذلك انتصرت علينا إسرائيل بقدراتها اللامحدودة رغم تحديها للقوانين والأعراف الدولية لأنها تملك ما تبادل به من سياسات واقتصادات وغيرهما، والتي نفتقدها سلوكاً وعملاً. لمراسلة الكاتب: yalkowaileet@alriyadh.net