×
محافظة المنطقة الشرقية

صديقي عبده خال الذي هو الروائي عبده خال

صورة الخبر

ربما الاتساع الكبير لمفهوم «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» ومطالبة البعض بأن الأمر بالمعروف شعيرة يجب أن يمارسها كل أفراد المجتمع، هو ما جعل التصادم مستمرا ودائما بين البعض مع من يقومون بهذا الدور أو يقدمون أنفسهم تحت مسمى «المحتسبون»، مع أن «ابن تيمية» ــ رحمة الله عليه ــ حذر من هذا الأمر، وأنه يمكن لشاب عابث أو فئة تمارس محاسبة الناس تحت هذا المسمى، أو تعلن فئة الجهاد ضد مجتمعها تحت هذا المسمى، وهذا ما جعل بعض الإرهابيين يفجرون بالمجتمع ويقتلون مسلمين أبرياء معتقدين أنهم يأمرون بالمعروف. بيد أن تحرير أو ضبط مفهوم «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» سيمنع هذا التساهل، وألا يقبل المجتمع بأن يتحول شاب كان يمارس التفحيط أو سمع عدة محاضرات أو قرأ بعض الكتيبات إلى آمر بالمعروف، فمن هو الآمر بالمعروف؟ إجابة أولى: لتصبح آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، عليك أن تكون عارفا بما هو معروف وما هو منكر، وألا يكون إنكارك على ما هو مختلف عليه بين العلماء، وألا يقوم إنكارك على الظن، أو مخترقا للخصوصيات، وأن يكون حكيما، إذ هو منطلق من عمل أصلاحي لا يريد معاقبة المخالف، وأن يتحلى بالصبر، إذ أن ما يفعله لوجه الله دون مقابل، أي عمل تطوعي لهذا تأتي الاستطاعة. من خلال هذا التوصيف، نحن أمام عالم بأمور الدين وما هو معروف وما هو منكر وما اختلف عليه ولا يمكن إنكاره إن كان هناك من يرجح تفسير أحد العلماء، وهذا التوصيف لا ينطبق على غالبية من يقدمون أنفسهم على أنهم محتسبون، حتى العاملون بالهيئة هم أقرب لرجال الأمن أو ما يسمى «شرطة أو بوليس الآداب»، يمنعون خدش الحياء العام، والتحرش بالأطفال والنساء، وهتك العرض. خلاصة القول: إن تحرير وضبط مفهوم «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» سيجعل المجتمع يعرف ما هي صفات هذا الآمر، حتى أولئك الشباب الذين يملكون الحماس ويودون لعب هذا الدور سيعرفون أن الأمر بالمعروف ليس بالسهولة التي يظنون، وأنك لتصبح آمرا بالمعروف عليك أن تكون عالما وحكيما وأن تملك الصبر لترشد الناس إلى الصواب، وبدون هذا قد تحول هذه الشعيرة لأداة تضطهد فيها الناس فتأمرهم بترك ما هو حلال.