تل أبيب: نظير مجلي اعتبر الخبراء الإسرائيليون تسريب معلومات في الولايات المتحدة قبل يومين، بأن وكالة المخابرات المركزية (CIA) كانت شريكة في عملية اغتيال عماد مغنية، رئيس الجناح العسكري في حزب الله بمشق سنة 2008، بمثابة رسالة قوية من الولايات المتحدة للإسرائيليين، تبين كم كانت العلاقات قوية بين البلدين في عهود سابقة قبل عهد رئيس الحكومة الحالي، بنيامين نتنياهو، وكم تخسر إسرائيل من تدهور العلاقات ومن الإساءات للرئيس باراك أوباما وطاقمه. وقال يوسي ملمان، وهو محلل لشؤون الأمن والاستخبارات في صحيفتي «معاريف» و«جيروزاليم بوست»، ومعروف بدقة مصادره الأمنية في إسرائيل، وله عدد كبير من المؤلفات في قضايا الأمن والتجسس، إن «التسريب الأميركي لم يكن صدفة، وقصد به الأميركيون إبلاغ رسالة للإسرائيليين في هذا الوقت بالذات، حيث توجد انتخابات برلمانية مهمة، بأن إسرائيل لا تستطيع الاستغناء عن الولايات المتحدة». وأضاف: «قصدوا القول لنا: انظروا كم هو وثيق التعاون بين مخابرات إسرائيل والولايات المتحدة.. وإنه يمكن أن يتضرر من السياسة المتغطرسة المتبجحة لرئيس حكومتكم». ويوافق على هذا الرأي ألون بن ديفيد، وهو ضابط سابق في الجيش الإسرائيلي ويعمل معلقا للشؤون العسكرية في القناة العاشرة المستقلة للتلفزيون. ويضيف: «مع أن هذا التسريب يدخل الولايات المتحدة في مشكلة مع حزب الله، حيث إن قادته لم يتهموا الأميركان أبدا بالمسؤولية عن هذا الاغتيال، إلا أنه يتضمن أيضا معلومة مهمة؛ إذ قالت فيه واشنطن إن الاغتيال كان يمكن أن يشمل أيضا قاسم سليماني، قائد كتائب القدس في الحرس الثوري الإيراني، ولكن المخابرات الأميركية رفضت وانتظرت حتى يفترق سليماني عن مغنية، وبعد ذلك فقط سمحوا بتفعيل العبوة الناسفة، وذلك على عكس إسرائيل التي اغتالت مغنية الابن في الشهر الماضي مع الجنرال الإيراني الذي كان يرافقه». ويضيف بن ديفيد أن «التسريب عموما ينطوي على توجيه رسالة أميركية إلى إسرائيل، مفادها بأنه في يوم من الأيام كانت العلاقات ممتازة بين الدولتين، وذلك في زمن رئيس الحكومة الإسرائيلي إيهود أولمرت والرئيس جورج بوش الابن، ففي حينه أقاما علاقات سرية حميمة أثمرت، إضافة إلى اغتيال مغنية، عن إدخال الفيروسات إلى الكومبيوترات الإيرانية التي تشغل الطاردات المركزية للمشروع النووي. والرسالة هي: تصوروا أي عمليات كبيرة يمكن أن ننفذ معا عندما تكون العلاقات سوية». ويقول ملمان إن النشر الأميركي صحيح مبدئيا، ولكنه يحتاج إلى بعض التعديلات، «فليس عملاء المخابرات الأميركية وحدهم كانوا في ميدان عملية الاغتيال في دمشق، بل أيضا المقاتلون في الموساد الإسرائيلي من كتيبة (كدون).. وليس صحيحا أن مغنية قتل وهو خارج من مطعم، بل عندما كان يغادر بيت عشيقة له. ومع أن النشر الأميركي يدل على أن الدور الإسرائيلي كان أقل من دور المخابرات الأميركية، إلا أن الحقيقة هي أن الدور الإسرائيلي كان أكبر، فالعبوة أعدت وجربت في الولايات المتحدة، ولكن الموساد هو الذي جلب المعلومات الاستخبارية عن تحركات مغنية، وهو الذي ضغط على الزناد لتفعيل العبوة الناسفة. بيد أن هناك دورا مميزا للأميركيين لم يكن ممكنا توفره لإسرائيل، وهو وجود سفارة أميركية في دمشق لديها بريد دبلوماسي سري لنقل ما تشاء، ويستطيع أن يلجأ إليها عملاء المخابرات في حال تورطوا في قضية ما». يذكر أن ميلمان كان قد أصدر كتابا في موضوع اغتيال مغنية وعمليات أخرى للموساد سنة 2012 بعنوان: «حرب الظلال.. الموساد وأجهزة الاستخبارات»، وكذلك كتاب: «جواسيس ضد يوم القيامة»، الذي أصدره بالشراكة مع الصحافي الأميركي من أصل إسرائيلي، دان رفيف. ويتفق مع الرواية الأميركية التي تقول إن عماد مغنية قتل في ليلة 12 فبراير (شباط) سنة 2008 في العاصمة السورية دمشق، عندما تم تفجير عبوة ناسفة كانت مزروعة في دولاب سيارته الاحتياطي. والعبوة تم تركيبها في الولايات المتحدة وجربت عملية تفجير عبوة مشابهة لها ليس أقل من 25 مرة، وذلك بمقر سري للمخابرات الأميركية في منطقة «هروي بوينت» شمالي كارولانيا. وقد صادق على عملية تشخيص مغنية ضابط في الموساد الإسرائيلي، ممن تتبعوا خطواته وتحركاته خلال سنوات. لكن السيارة التي تم تفجيرها قرب سيارة مغنية، كانت سيارة أميركية، تم إدخالها إلى سوريا من الأردن، وظلت تحت مراقبة رجال المخابرات الأميركية طيلة 24 ساعة، إلى حين دقت لحظة العمل، حيث كان واضحا أنه يجب تفعيل العبوة بعد ثانيتين من اقتراب الضحية. وكانت العبوة متوسطة، إلا أنها كانت كافية لتمزيق جسد مغنية وتطايره على بعد 20 مترا، بعدما بترت يداه وقدماه ورأسه. وحسب مراسل صحيفة «يديعوت أحرونوت» في واشنطن، رونين بيرغمان، فإن هذه العملية استوجبت مصادقة الرئيس بوش وجميع المسؤولين الأوائل في مجال الأمن والقضاء. وقد تم إقناعهم لأن مغنية كان قد أدى دورا في العمليات التي وجهت ضد القوات الأميركية وحلفائها في العراق. ويكتب بيرغمان: «مثل هذا التعاون بين البلدين، ساد على مستوى الرؤساء والمخابرات والجيش، ولَكَمْ نحِنُّ إليه ونشتاق».