حذر رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، أمس من «النزعة الانتقامية والتصفيات القبلية» التي ترافق جهود محاربة تنظيم ما يعرف بـ «الدولة الإسلامية» (داعش)، مشيراً إلى أن المسلحين المتطرفين الذين يدعون حماية «أهل السنّة» في العراق يقومون بتهجيرهم وتدمير بعض السكان. جاء ذلك خلال مؤتمر «الحوار بين الأديان والمذاهب»، الذي عقد في مقر إقامة عمار الحكيم، زعيم المجلس الأعلى الإسلامي في بغداد، وشهد حضور عدد من كبار المسؤولين العراقيين. وقال العبادي، إن «إدعاءات تنظيم داعش بحماية أهل السنّة أخطر من التحدي العسكري والإسلامي»، مؤكداً أن «تلك العصابات تقوم بتهجير أهل السنّة وتدمير مدنهم». وطالب رئيس الحكومة «عدم الانصياع وراء نزعة الانتقام والتصفيات العشائرية»، مشيراً إلى أن «الإساءة للرسول محمد (صلى الله عيه وسلم) لا تمثل حرية التعبير، حيث أن الكلمة السيئة أخطر من الرصاصة». وفي سياق آخر، تعهد العبادي تنفيذ البرنامج الحكومي، وأكد ضرورة تطبيق المنهج الحكومي ومحاربة تنظيم «داعش»، فيما دعا إلى التعاون من أجل الإسراع بتنفيذ البرنامج الحكومي. من جهته، أكد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم أن «تضحيات العراقيين» في سبيل حريتهم وسلامتهم تتطلب عملاً جدياً من قبل السياسيين لـ «تعزيز الانتصارات». وقال معصوم، في المؤتمر ذاته، إن «الخطر الأكبر حالياً هو خطر التفكير الإرهابي الذي يهدد الدين باسم الدين ويهدد أبناء الدين نفسه والمجتمع الإسلامي بشكل عام، والخطر الذي يستهدف الدين لا يقل عن المضار التي يواجهها البشر». وأشار معصوم إلى أن «خطورة عصابات داعش، بوصفها النسخة الأكثر تشدداً في تاريخ الإرهاب، يكمن في عدم ترددها في ارتكاب الفظائع تعبيراً عن الكراهية». وأضاف: «لا مجال أمامنا ونحن نخوض غبار المواجهة معها سوى الانتصار ودحرها نهائياً لتخليص المجتمع بمختلف قومياته من شرورها، وهو نصر يؤكد مقاتلونا كل يوم حقيقة اقترابنا منه». في المقابل، دعا رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري إلى التعجيل بكشف نتائج التحقيق في «الجرائم والانتهاكات حقناً للدماء وقطعاً لدابر الفتنة»، مؤكداً أن تجاهل المبادرة التي تقدم بها زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم للخروج من الأزمة «أفقدنا الكثير». وأشار الجبوري إلى أن الفرصة ما زالت قائمة لإعادة المبادرة للطريق من خلال مشروع «المصالحة المتكامل، وأن الاختلاف الذي يؤدي إلى تفرق الكلمة وتعادي الأمة لا يمكن دعمه أو القبول به». إلى ذلك، أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق، نيكولاي ميلادينوف، أن تنظيم «داعش» يسعى إلى «تدمير العراق وتقويضه وإقامة دولة الإرهاب والرعب بدلاً عنه». وأشار ميلادينوف إلى أن «أفعال تنظيم داعش تتنافى مع قيم وتعاليم الإسلام». ودعا المبعوث الدولي قادة العراق إلى «التوحد والتصدي لقضايا الفقر وإيجاد حلول طويلة الأمد لمأساة النازحين»، فيما أعرب عن استعداد الأمم المتحدة لمساعدة الحكومة العراقية في بناء مؤسساتها المختلفة. من جهته، دعا زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم إلى محاصرة الخلافات بـ «المشتركات الهائلة» لبناء العراق وإحلال الأمن فيه. وقال الحكيم إن «الروابط التي تجمع مكونات الشعب العراقي تدفع إلى الاجتماع أكثر مما تدفعهم إلى الافتراق». وأكد أن «القوى أو العوامل التي تعمل على تمزيقنا ستفشل وستنتصر وحدتنا». وطالب الحكيم بـ «حصر السلاح في يد الدولة والإسراع بتشريع قانون الحرس الوطني الذي يوفر الغطاء القانوني لدور القوى الشعبية في مواجهة الإرهاب»، مشدداً على ضرورة «ضمان الحريات الشخصية والجماعية لمعتنقي الأديان من دون التفريق بين دين وآخر وعدم التجاوز بأي شكل من الأشكال ولأي سبب كان على الرموز الدينية والثوابت المقدسة لكافة الطوائف والأديان، ورفض التعدي عليها بذريعة الديموقراطية وحرية التعبير عن الرأي».