بعدما خيمت ظلال قاتمة على العلاقات المغربية الفرنسية خلال سنة طويلة أدت الى تجميد التعاون القضائي و الأمني بين البلدين برزت الى الوجود عدة مؤشرات توحي بان رياح الانفراج بدأت تهب على هذه العلاقات لتسخين صقيعها وإعادتها الى إطارها التقليدي ...اكبر هذه المؤشرات الزيارة الخاصة التي يقوم بها حاليا الملك محمد السادس الى فرنسا بعد غياب طويل فهم من تداعياته انه غضب ملكي لما آلت اليه العلاقات بين الرباط و باريس منذ ان وجه القضاء الفرنسي بطريقة استعراضية استدعاء في بيت السفير المغربي في باريس لمدير المخابرات المغربية الداخلية عبد اللطيف الحموشي ... كان هذا الاستدعاء بمثابة الشرارة التي أشعلت نار الخلافات بين الرباط و باريس حيث دخلت العلاقات بين البلدين في منطق كرة الثلج التي بدا حجمها يكبر مع مرور الوقت وتلقيها عوامل تشجع الخلاف و توسع الهوة و تصب الزيت على النار ...و و صلت العلاقات بين البلدين الى مستوى من البرودة امتنع الطرفان عن تبادل الزيارات على اعلى المستويات اذا استثنينا تلك التي قام بها ستيفان لوفول بمناسبة المعرض الدولي للفلاحة و تلك التي قامت بها وزيرة العدل السابقة إليزابيت كيكو في محاولة لترميم الأجواء و القيام بوساطة ...بينما على الصعيد المغربي اقتصرت الزيارات على اللقاءات المتعددة الأطراف التي كان وجود المغرب فيها ضرورة دبلوماسية... و جاءت أحداث شارلي ايبدو الإرهابية لتضع تحت المجهر الإعلامي و السياسي تردي هذه العلاقات المغربية الفرنسية على خلفية التقليل من حجم التعاون الأمني و تفضح للراي العام الفرنسي حقيقة مخيفة مفادها ان النفور يطبع علاقات فرنسا مع احد اقرب شركائها الإقليميين في الحرب ضد الاٍرهاب ...و ارتفعت أصوات من اليمين تندد بهذا الوضع و تطلب من حكومة فرانسوا هولاند القيام بكل شيء لتجاوز هذه الخلافات و من تم الزيارة التي قام بها الى باريس وزير العدل المغربي مصطفى الرميد و لقاؤه البعيد عن الأعلام والاضواء مع وزيرة العدل الفرنسية كريستيان طوبيرا ... وقد توج هذا اللقاء بالإعلان عن استئناف التعاون القضائي و الأمني بين الرباط و باريس في خطوة تزامنت مع الزيارة التي يقوم بها محمد السادس الى فرنسا. هذه الزيارة بالرغم من انها تكتسي صبغة خاصة الا ان توقيتها جاء ليجسد هذا الانفراج و يعطي زخما كبيرا لعودة التعاون القضائي و التساؤل الذي يطرحه المراقبون : هل سيعقد لقاء قمة في باريس بين الملك محمد السادس و الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لطي صفحة الماضي نهائيا و بلورة صيغة جديدة للعلاقات الإستراتيجية التاريخية التي تربط فرنسا بالمغرب ؟