المواطن بالنسبة للدولة -أي دولة- يمثل الركيزة الأساسية للتنمية والتطوّر، وعلى أكتافه تنهض الدولة وتتقدّم في مجالات التنمية كافة. والعلاقة القائمة بين الدولة والمواطن علاقة تكاملية تتمثل في ضمان الدولةِ الأمنَ للمواطن، وتوفير فرص العمل والخدمات الضرورية، كالتعليم، والصحة، وتعبيد الطرق، وإنشاء المطارات، وتوفير مياه الشرب النقية ... وغيرها من الضروريات الحياتية للمواطن. ويتمثل دور المواطن في العمل ضمن مؤسسات الدولة وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني بكل جد وإخلاص، وبذل أقصى جهد في سبيل رفعة الوطن ورقيه من منطلق أن للوطن عليه حقوقًا يجب أن يفي بها، في ظل وفاء الوطن بواجباته تجاه المواطن. ومتى ما ظهر بعض الخلل في المعادلة السابقة فلا شك أن لأجهزة الدولة الحقَّ في اتخاذ ما تراه من إجراءات تجعل المواطن يفي بما عليه من حقوق لها، في الوقت نفسه فإن من حق المواطن أن يُبيِّن القصورَ الحاصل في بعض الجهات بالطرق المثلى التي تجعل تلك الجهات تُعيد حساباتها، وتعدِّل مسارها؛ لضمان تقديم خدماتها للمواطن، بحيث ترقى لطموح السُّلطة العليا. في اعتقادي أننا -جميعًا- مؤمنون بالمبدأ السابق المتضمن عمليتَي (البذل والمحاسبة) من قِبَل مؤسسات الدولة، وعمليتَي (العمل والنقد البنّاء) من قِبَل المواطن، غير أن ما دعاني لمناقشة هذا الموضوع هو ما طرحه الشيخ الدكتور مشعل الفلاحي المشرف التربوي بإدارة التربية والتعليم بمحافظة القنفذة المشرف على مشروع القيم النبوية في احتفالية الإدارة -الاثنين قبل الماضي- باليوم الوطني حينما دعا إلى ما أسماه عملية (التأثير)، بحيث يشتغل المواطن بما يكون له أثرٌ إيجابيٌّ على نفسه ووطنه بدلاً من اشتغاله بـ(الهموم) ممثلة في المطالبات والنقد لبعض الجهات الخدمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث يرى أن هناك طُرُقًا أخرى يمكن أن تُسلَك لبث الهموم. هكذا فهمت من حديث الدكتور مشعل، وأنا أتفق معه -كليًّا- في الجزء الأول الذي يهتم بعملية التأثير، بل إنه ينبغي التركيز عليها، أمّا مسألة الاكتفاء بالطرق التقليدية لبث الاحتياجات والهموم فأعتقد أن الدكتور مشعل يوافقني على أن وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها يجب أن تُستغلَّ لتُشكِّل (طُرقًا إضافية) يمكن طَرقها لبث تلك الهموم إلى بعض الجهات التي قصَّرت في واجباتها. قضايا المجتمع وهمومه -كما لا يخفى على الدكتور- كثيرة ومتشعبة، واحتياجاته لمزيد من الخدمات لا تزال في نمو متسارع، ولذا فلا يمكن للطرق التقليدية مهما كان اتّساعها أن تستوعب تلك المطالب والهموم، وليس بمقدور المسؤول أن يوظف وقت دوامه لاستقبال تلك المطالب. وتأسيسًا على ما سبق فوسائل التواصل الاجتماعي والوسائل التقليدية منابرُ جيدة وفعَّالة لبث الهموم والاحتياجات، وإيصالها إلى الجهات ذات الاختصاص. ويبقى الاختلاف حول نوعية الرسالة المبثوثة عبر هذه الوسائل، فإن كان مضمونها القدح والشتم لبعض الجهات فأنا أتفق مع الدكتور في أهمية الانصراف عنها، والاتجاه إلى التأثير الإيجابي، وإن كانت الرسالة تحمل في طياتها النقد الهادف والبنّاء، وتلفت نظر هذا المسؤول أو ذاك إلى نواحي القصور بالطرق المُثلى، فأنا أختلف مع الدكتور؛ لأنها تصبح في حكم التأثير الإيجابي. ولو أنّا ألزمنا المواطن بالاكتفاء بالطرق التقليدية فقط لبث همومه واحتياجاته فهذا يعني أننا سنطالب الوعَّاظ -والدكتور منهم- بأن يلتزموا في الوعظ بالطرق التقليدية فقط. والواقع أن الوعَّاظ تخطوا ذلك، واتخذوا من وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها أدوات للوصول إلى المستهدَفين؛ الذين يناظرهم المسؤولون عن بعض الجهات الخدمية. وبعد.. فالنقد (الهادف) يُعبر عن حالة صحية تعيشها المجتمعات، ولولاه لما استمرت مسيرة التنمية، وإن لم يحضر عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها فسيحضر مكانه التزلُّف الذي يُعبِّر -أحيانًا- عن حالة المجتمع المَرَضيَّة. Mashr-26@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (52) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain