أعادت استقالة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي زمام المبادرة إلى شباب ثورة التغيير اليمنية، الذين أطاحوا بسلفه المخلوع علي عبد الله صالح يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2011. ويأتي ذلك بعد أن جمدت عملية التسوية السياسية -وفقا للمبادرة الخليجية وانتخاب هادي رئيسا توافقيا يوم 27 فبراير/شباط 2012 وتعهده وحكومة الوفاق الوطني بانتقال سلمي للسلطة- وجمدت معها نشاط الثوار وكبلت حركتهم بالشارع. ولكن تحالف جماعة الحوثيين مع صالح، وإفشال عملية الانتقال السلمي، وفرض الهيمنة على المشهد السياسي بالقوة، دفع قوى الثورة إلى التوجه مجددا للفعل الثوري السلمي. وعادت مظاهرات نشطاء وشباب الثورة إلى ساحتي الحرية والتغيير، وشوارع العاصمة صنعاء وتعز والحديدة وإب وعدن، وحتى ذمار، ضد الحوثيين وانقضاضهم على الدولة وشرعية الرئيس هادي الذي استقال من منصبه مكرها. " رشاد الشرعبي: اليمن مقبل على عملية تشظي وتفكك إلى دويلات متصارعة، وكانتونات تسيطر عليها جماعات مسلحة كالحوثيين وربما تنظيم القاعدة وأمراء حروب " أجواء الانفصال واعتبر مدير "جهاز رصد الديمقراطي" عبد الوهاب الشرفي تلك المظاهرات "رد فعل طبيعي ضد هيمنة الحوثيين التي ستسهم في توحيد العديد من الأطراف لمواجهتهم، ليس عبر الشارع فقط وإنما بالضغط السياسي، بينما ستقدم مكونات أخرى على خطوات مضادة ضد الحوثيين ستؤثر على وحدة اليمن واستقراره المجتمعي". وعما إذا كانت سيطرة الحوثيين على الدولة بالقوة ستدفع أبناء الأقاليم إلى الانفصال وفرض الأمر الواقع، قال الشرفي للجزيرة نت "من الطبيعي أن تدفع بهم للنزوع للانفصال، لأنه لن يقبل أبناء المحافظات الجنوبية بسيطرة الحوثيين على الدولة". ويرى المحلل السياسي رشاد الشرعبي أن اليمن بعد استقالة هادي "مقبل على عملية تشظي وتفكك إلى دويلات متصارعة، وكانتونات تسيطر عليها جماعات مسلحة كالحوثيين وربما تنظيم القاعدة وأمراء حروب". من جانبه، توقع عبد الهادي العزعزي (عضو مؤتمر الحوار الوطني السابق) ردود فعل غاضبة في المحافظات الجنوبية إزاء سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة السيادية، وحصار منزل الرئيس المستقيل هادي، خاصة في ظل ارتفاع الأصوات المطالبة بانفصال الجنوب. رغبة الانتقام وفيما يتعلق بالدعوات لتوحد إقليمي عدن وحضرموت بالجنوب، مع أقاليم سبأ والجند وتهامة، ضمن الدولة الاتحادية، والبدء في تحرير العاصمةمن الحوثيين، قال العزعزي إن"المقلق حقا هو التوجه إلى خيارات العنف والقتال في بلد منهك". وأضاف "هناك نزق انتقامي ولغة عنف مرعبة، واليمن ملغوم بصراع جغرافيات محلية وامتداداته الإقليمية والدولية بفعل موقعه، وخطر الانقسام والتقسيم وارد، وهو سيناريو مخيف". والمشكلةأن "هناك حالة من التصادم الكبير مع قوي مركزية تعتبر نفسها صاحبة الاستحقاق الأكبر في حكم البلد واحتكار السلطة والثروة فيه". يُشارإلى أنالحوثيين سبق أن برروا تحركهم المسلحبالعمل من أجل الحفاظ على وحدة البلاد، وكانت ذريعتهم للسيطرة على مؤسسات الدولة السيادية هي رفضهم لتقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، كما جاء في مسودة الدستور الجديد، ووفق مخرجات الحوار الوطني.